الحقيقة الأكيدة التي يصرّ المغرب على تجاهلها، هو وضعه الداخلي الذي يسوء يوما بعد الآخر بسبب المصاعب الاقتصادية وتدهور الحياة المعيشية التي خلقت سخطا اجتماعيا غير مسبوق نراه ماض بالبلاد نحو الانفجار المحتوم.
الغضب الشّعبي المتنامي بسبب الظروف الاجتماعية المزرية، والسياسة الانتحارية التي يقودها نظام المخزن بما تشمل التطبيع والقمع وجرّ المنطقة إلى عدم الاستقرار، يؤكّد بما لا يدع مجالا للشكّ، أنّ المغرب يسير في حقل ألغام مغمض العينين، ويخطو خطوات عمياء نحو المجهول، نحو نقطة اللاّعودة التي نراها قريبة، خاصة وأنّ المعطيات كلّها تشير إلى أن كأس صبر المغاربة فاض، وبدأ يتدفّق إلى الشّوارع على شكل احتجاجات وإضرابات لا متناهية مسّت كل القطاعات والمجالات، طبعا فالتدهور والتراجع بات يشمل جميع مناحي الحياة، وحتى توفير لقمة العيش بات بالنسبة للكثيرين مهمّة صعبة حتى لا نقول مستحيلة.
فتيل التوتر والتدهور اشتعل بالمغرب ولا مجال لإطفائه، ورغم القمع والاعتقالات وأحكام السجن الجائرة، فالتصعيد بات سيّد الموقف، إذ من المقرّر أن تكون المملكة بعد غد على موعد مع إضراب يشمل جميع قطاعات الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والنقل واللوجستيك، احتجاجاً على الحكومة وغلاء المعيشة.
الإضراب العام، أعلنت عنه ثلاثة اتحادات عمالية مغربية (الكونفدرالية العامة للشغل، فيدرالية النقابات الديمقراطية، المنظمة الديمقراطية للشغل)، وقد عزت هذه الاتحادات قرارها إلى سياسة الحكومة الماضية في رفع أسعار المواد الغذائية الأساسية وأسعار المحروقات دون مبالاة بما يتكبّده الشعب من عناء ومعاناة، وحذّرت، في بيان من «الاستمرار في الإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة وحقها في العيش الكريم»، معتبرة أنّ الزيادات في الأسعار «تهدّد الأمن الغذائي لملايين المغاربة».
معلوم أنّ اختيار موعد الإضراب المرتقب ليس صدفة لأنه يتزامن مع الذكرى التاريخية لانتفاضة 20 جوان 1981، التي تميزت باحتجاجات اجتماعية شعبية شهدتها مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، ردّاً على زيادة في أسعار مواد غذائية أساسية، وخلّفت ضحايا، ما جعلها موضوع جدل حقوقي داخلي يؤرخ لمرحلة من «سنوات الرصاص» بالبلاد إلى حين إعلان مقبرة رسمية لضحاياها عام 2016.
سياسة الهروب إلى الأمام واختلاق أزمات مع الجيران وتوتير المنطقة، لن تجدي المخزن نفعا، ولن تحميه من تسونامي الغضب الشّعبي الماضي إلى إغراقه في سوء أعماله.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.