حسمت دولة مالي أمرها وقررت تنفيذ الوعد الذي قطعته على نفسها، منتصف ماي الماضي والمتعلّق بانسحابها من جميع أجهزة وهيئات مجموعة دول «الساحل 5 « بما فيها القوة العسكرية المشتركة، حيث بعث قائد أركان القوات المسلحة المالية، الجنرال عمر ديارا، برسالة إلى قائد القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل، يبلغه فيها انسحاب مالي من هذه القوة التي تتكون من خمسة آلاف عسكري بمعدل ألف لكل دولة، اعتبارا من 30 جوان الجاري، لتكتمل عودة كافة العناصر المعنية بهذا الانسحاب إلى أقسام خدمتها في الفاتح جويلية المقبل.
كان الوزير المالي المكلف بالإدارة الترابية، الناطق باسم الحكومة، العقيد عبدولاي مايغا، أعلن في 15 ماي الماضي، انسحاب بلاده من مجموعة دول الساحل الخمس ومن قوّتها العسكرية احتجاجا على خرق نصوص المنظمة خاصة عدم السماح لمالي برئاسة هذا التكتل الإقليمي، حيث كان من المفترض أن تَستضيف باماكو مؤتمرًا لقادة دول الساحل (موريتانيا وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر ومالي) في فيفري الماضي، وتأجَّل لمدة ثلاثة أشهر لادّعاء دولة عضو في مجموعة الساحل بعدم استقرار الداخل المالي، عقب سيطرة المجلس العسكري على السلطة، مما أغضب باماكو ودفعها للحديث عن انصياع بعض دول المجموعة المعارضة لتولّي مالي رئاستها، إلى تعليمات دولة من خارج الإقليم تسعى إلى عزل مالي عن محيطها الإفريقي، بل والعالم، مما أفقد المجموعة استقلاليتها؛ وذلك في إشارة ضمنية إلى فرنسا مع الخلاف المالي الفرنسي الحاد الذي انتهى بسحب فرنسا قواتها من مستعمرتها القديمة وإعادة تمركزها في النيجر وباقي دول الساحل الإفريقي، وإلغاء الاتفاقيات الدفاعية الموقّعة بين مالي وفرنسا وشركائها الأوروبيين، بما في ذلك اتفاقية الدفاع المشتركة التي وُقِّعت في 16 جويلية 2014. وضع الانسحاب العسكري الفرنسي مالي أمام خيار حتمي بضرورة البحث عن حليف استراتيجي بديل، فكانت مجموعة «فاغنر» التي يثير وجودها توترا متزايدا وتأجيجا للخلاف المالي الفرنسي، وللصراع مع روسيا التي تتهم بسعيها لبسط هيمنتها على منطقة الساحل التي ظلت على مرّ العقود خاضعة لنفوذ فرنسا.
في الواقع إن قرار مالي الذي جاء في ظرف صعب تمر به البلاد بسبب التحديات السياسية والأمنية التي تعيشها والضغوط الخارجية المفروضة عليها، له تداعيات سلبية على المجموعة الإفريقية «ساحل5» ، فمالي تتسم بأهمية جيواستراتيجية، بالنسبة لشركائها لاسيما في إطار التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب؛ وبانسحابها تفقد المجموعة، دولة محورية في العمليات العسكرية المشتركة، ما يدفع للتساؤل حول مستقبل التكتل على الامد القريب أو المتوسط مع غياب مالي، ومدى تماسكه.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق