رقم مرعب ذلك الذي حمله بيان الحماية المدنية الأخير، وسجّل ثلاثين قتيلا وأكثر من ألف وستمائة جريح جراء حوادث المرور، في ظرف أسبوع واحد، ناهيك عن إحصاء لمجموع تدخلات رجال الحماية المدينة التي فاقت واحدا وثلاثين ألف تدخل عبر القطر الوطني، بينها أكثر من أربعة آلاف تدخل لإخماد الحرائق.
وواضح أن معظم الحوادث المؤسفة التي تشهدها طرقاتنا، إنّما تعود مباشرة إلى نوع من الإهمال يصرّ عليه كثيرون ممن يتسببون في نشر الأذى، وإن كان غير مقصود، وإذا سلّم الله في مختلف الحوادث، فإن حصيلة حوادث المرور تبقى على رأس المشكلات المستدامة، مع أن الجميع يعرفون أنّ إمكانات تفاديها موفورة، إذ يكفي السّائق أن يلتزم بقوانين المرور، لا يتجاوزها، فيحفظ نفسه، ويحفظ الناس معه، ويكون صالحا لنفسه وأهله.
ولسنا ندري كيف يشتغل دماغ ذاك الذي يصرّ على تجاوز السّرعة المسموحة، ويثابر على المناورات الخطيرة، ويستعرض «مهاراته» في الطرقات العامة، حتى إذا وقع في المحظور، وتسبب في قتل النفس التي حرّم الله، تجده يبسمل ويحوقل مدّعيا أنها مقادير أحاطت به، و(مكتوب) ألمّ به، وأنّه بريء من الحادثة وتفاصيلها، والعجيب أن هذا المشجب الصالح لكلّ ما يرتكب الإنسان من جرائم، يحظى بقبول الجميع، فهم يسلّمون بسهولة إلى ثنائية (الحذر والقدر)، وينصرفون في انتظار حادثة جديدة، يعلقونها على المقادير مرّة أخرى.. وهكذا دواليك..
صراحة.. لا نعرف كيف يمكن أن يستوعب السائق الطائش أنّ احترام قانون المرور لا يمثّل أبدا انتقاصا من «قدراته العظيمة!!» في السّياقة، وإنما هو تعبير عن الإحساس بالمسؤولية تجاه كثير من النّاس، قد يحمّلهم مصاعب الحياة، ويصيبهم في أعزّ أحبائهم، ولم يكن لهم من ذنب اقترفوه، سوى أنهم التقوا (سي السّائق)..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.