بعد مسار طويل وشاق طيلة أشهر من مفاوضات فيينا، و»الاقتراب» من التّوقيع على الاتفاق النووي الإيراني الذي غادرته واشنطن في عهد ترامب، لكن في نهاية المطاف، لم يتوصّل المفاوضون إلى أي توافق ينهي الخلافات، وعلى ما يبدو انقلبت هذه المشاورات التي اقتربت خلال الثلاثي الأول من العام الجاري من طي الملف إلى ضدها، حيث تنقصها خطوة واحدة حسب ما كان يؤكّده المفاوضون للتتويج، ولعل ما ضاعف من التفاؤل، إقدام أمريكا على رفع بعض العقوبات المفروضة على طهران من أجل الكشف عن حسن نواياها تجاه مسار التفاوض.
عقب توقّف المباحثات غير المباشرة بين الطرفين في فيينا، منذ مارس الماضي، سجل انقلاب شديد صدم المتابعين في مسار التفاوض المباشر حول الملف النووي، بعد العودة إلى نقطة البداية، وكأنّ كل الجهود والجولات الماراطونية نسفت لحظة وبإيعاز من إرادات خفية، من مصلحتها استمرار الوضع على ما هو عليه، في وقت صدرت تصريحات من الاحتلال الصهيوني مفادها أنه نجح في منع بلوغ مرحلة التوقيع في نهاية المفاوضات المباشرة بين إيران والدول الغربية وغير المباشرة مع واشنطن، هذا من جهة ومن جهة أخرى تمّت إثارة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تعتقد بعض البلدان الغربية أنّها شجّعت طهران على مواصلة تحقيق أهداف مشروعها النووي بثقة ملقية بجميع المخاوف والتهديدات الأمريكية عرض الحائط، وماضية في استكمال ما سطّرته.
والسّؤال هل للحرب الروسية الأوكرانية أثر على عدم رضوخ طهران لأي شروط وصفتها بالمجحفة، خاصة بعد فشل سلاح العقوبات؟ حيث لم يعد بالإمكان فرض مزيد منها، لأنّ العالم يكفيه ما يتكبّده من معاناة بسبب عديد الأزمات، بداية من الطاقة ومرورا بالغذاء ثم التضخم وفاتورة الوباء، ما يضعه في وضع هشّ غير مسبوق، كون نطاق العقوبات المفروضة بدأت يتّسع بشكل أكبر ليشمل إيران وروسيا وسوريا وأفغانستان وفنزويلا مع تهديدات أمريكا القائمة للنيل من الصين.
تراجعت الآمال وانقلب التفاؤل بخصوص تقدّم المسار الدبلوماسي حول برنامج طهران النّووي، ويجري حاليا الحديث عن خطة أمريكية بديلة، تسمح بمنع إيران أن تصبح قوّة نووية، ولم يتسرّب من هذه الخطة أي معلومات يمكن على ضوئها قراءة نوايا البلدان الغربية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.