تصاعدت لهجة الخطاب المبرّر لارتفاع أسعار الأضاحي بشكل متميّز هذا العام. ولقد تراكمت تصريحات الموّالين بمنصّات التّواصل الاجتماعي، بين شارح لصعوبة تربية المواشي، ومقارن بين أسعار اللّحوم وأسعار الجمبري، بل إنّ هناك من عتب على الناس لأنّهم تقبّلوا غلاء أسعار المواد جميعها، ورفضوا ارتفاع سعر أضحية العيد!!..
وقد يكون واضحا أنّ الأمر لا يحتاج تبريرا، ولا معقولية في التبرير، فالقول بأنّ (تربية المواشي صعبة وشاقّة) لا يحتاج إلى بيان؛ ذلك لأنّ المهن جميعها شاقة، ولا اختلاف بينها، ولو أنّنا نأخذ بمبرّر الموّال، فإنّ الواجب يقتضي الاعتراف بأنّ مهنة الطبيب الجراح – على سبيل المثال – أكثر صعوبة، ومسؤوليتها أكبر، ومع ذلك يستقبل الجراح الموال (عافاه الله)، ويجري له عملية مجانا بالمستشفى العمومي..
وقد يقول المبرّر إنّ الطبيب الجراح إذا ألقى عليه القبض بالعيادة الخاصة، فإنّه سيدوّن له فاتورة تقصم الظهر، ولكن حجّته تبقى ضعيفة، حتى في هذه الحالة، لأنّ فاتورة التّداوي ليست سوى نتيجة طبيعية لصعوبة مهنة الموال، مع فارق مهمّ جدا، هو أن أسعار الجراحة لا ترتبط بموسم، ولا بعادة، ولا بعبادة، وعلى هذا لا تكون فاتورته انتهازا لفرصة، وإنما هي نفسها، لا تتغيّر على مدار العام..
نعتقد أنّ المشكلة الرّئيسية ليست في «الصّعوبة» ولا في «الشّقاء»، وإنّما هي في ضمور حاسّة الرّحمة بالقلوب، و(خالوطة) سلّم القيم وتراتبيتها في جميع المجالات، ونحن جميعا نعلم أنّ الأسعار في بلاد العالم، تنهار تلقائيا مع الأعياد الدينية، بينما يكمن كثير من تجارنا ترقب المناسبات، كي يضاعفوا الأسعار؛ لهذا تجدهم يبحثون عن المبرّرات، مع أنّ المسوّغ بسيط جدا.. ارتفاع الطلب مع قلة العرض، يرفع الأسعار..
زمان، كان تجارنا يسهمون في الاحتفاليات الدينية، بتسهيل حياة الناس، لأنهم كانوا يفهمون جيّدا معنى (اللي يربح، العام اطويل).. ويبدو أنّ حاسّة الفهم ضمرت هي الأخرى..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.