مثل جارتها مالي، تواجه دولة بوركينافاسو وضعا أمنيا صعبا بسبب تزايد الخطر الإرهابي، وتضاعف حجم التهديدات التي تفرضها المجموعات الدموية التي باتت تسيطر على 40 في المائة من مساحة البلاد بحسب ما أورد قبل أيام الرئيس النيجري السابق محمدو إيسوفو.
ومع تزايد عدد الهجمات الإرهابية وارتفاع رقم الضحايا، شرعت السلطة العسكرية الحاكمة في واغادوغو التي جعلت القضية الأمنية أولويتها، في البحث عن مخرج من هذا المأزق الأمني الذي أدّى منذ 2015 إلى مصرع الآلاف ونزوح ما يقارب المليونين، دون الحديث عن الخسائر المادية الجسيمة.
وفي هذا الإطار، باشر الرئيس الانتقالي العقيد بول هنري داميبا الذي وصل إلى السلطة في جانفي الماضي عبر انقلاب عسكري، في تنفيذ خطّة تقوم على ثلاث دعامات أساسية، المصالحة، والمواجهة العسكرية، والاعتماد على الذات والقدرات الداخلية، خاصة بعدما أكّدت التجارب، أن التدخلات الخارجية لن تحقّق شيئا بل على العكس، فبعد سنوات من التدخل العسكري الغربي وفي مقدّمته الفرنسي، ازدادت الأوضاع الأمنية سوءا وخطرا في عموم الساحل الإفريقي وفي مالي وبوركينافاسو على وجه الخصوص.
مهمّة داميبا الصّعبة بدأها، الأسبوع الماضي، باستقباله في القصر الرئاسي، كلّ من الرئيس المطاح به روك مارك كابوري، والرئيس الأسبق جان بابتيست أويدراوغو، الذي حكم البلاد ما بين عامي 1982- 1983.
وتدخل هذه الخطوة ضمن إستراتيجية المصالحة التي يراهن عليها رئيس بوركينافاسو، لإنهاء التوتر الذي يطبع الوضع السياسي وإعادة توحيد البلاد باعتبار أن محاربة الإرهاب يتطلّب استقرارا سياسيا ووحدة وطنية وتعاضدا شعبيا.
اجتماع الرؤساء الثلاثة جاء بعد يوم من ترأس داميبا مجلسا أعلى للدفاع حضره القادة العسكريون وبحث في كيفية جعل العمليات ضدّ الدمويين أكثر فعالية، وبهذا الخصوص، قرر إنشاء منطقتين عسكريتين في ولايتين بشمال وشرق البلاد، قال إنهما ستشهدان عمليات عسكرية كبيرة، ويتعلق الأمر بولايتي الشرق والساحل، حيث تنشط جماعات دموية تابعة للقاعدة وداعش الإرهابيين، وتقعان على مقربة من الحدود مع كل من النيجر ومالي.
وحرصا منها على سلامة الشعب، قرّرت القيادة في بوركينافاسو نقل السكان إلى مناطق أكثر أمنا، وحثت أفراد الجيش على مواجهة الإرهابيين بروح قتالية عالية، مشددة على أن الخلاص لا يأتي من الخارج، والنّصر لا تصنعه جيوش الغرب، بل يصنعه البوركينابيون بوحدتهم ومقاومتهم وتضحياتهم.
وبالرغم من صعوبة المهمة ومخاطرها، ليس أمام بوركينافاسو من حلّ غير محاربة الإرهابيين ودحرهم.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.