لم يترك حفل وهران الافتتاحي لألعاب المتوسّط، دليلا يقدّمه على أهميّة الفعل الثقافي وضرورته للحياة اليومية. ولقد أظهر القائمون عليه مستوى من الرّقيّ مذهل، من خلال اللّوحات الفنيّة التي أبدعوا في تركيبها أيّـما إبداع..
ولقد ظلّ العقل السّحري صامتا أمام روعة الحفل، فلم يجد ثغرة يتسلّل منها، ولا خطأ يتوكّأ عليه، ولا حتى موعظة يلوكها، وإذا بخبر الزلزال ينتشر عبر المواقع، فتنتعش أدوات العقل السّحري، وتصبح الأرض ممهّدة كي يطلق العنان لتأويلاته وتخريجاته، ويبدأ في قراءة أسباب الزلزال، والوعظ والإرشاد، معتبرا أن النساء الرياضيات هنّ السّبب في إحداث الزلازل، أو مدّعيا أن طبيعة الأغاني نفسها هي التي تهزّ الأرض. غير أن لغط العقل السّحري، هذه المرّة، وجد أصواتا تتصدّى له، فلم يلبث أن انحسر وتلاشى، وواصل الجزائريون – بحمد الله – احتفالهم بالميداليات الذّهبية التي زيّنت قائمة البلدان المشاركة.
ونعرف أن التّخلص من العقل السّحري نهائيا، غير ممكن، فهو سيظلّ عاكفا عن البحث عن ثغرة يتسلّل منها، غير أن العمل الثقافي الهادئ، يمكن أن يقلّص من مساحاته، وهذا يحتاج بعض الوقت، ولكنّه ليس مستحيلا. ولقد أثلج صدورنا أنّ كثيرين عرفوا كيف يردّون طروحات المسحورين ممّن لا يجدون مكانا للعيش إلا في الأساطير..
تعلّمنا في مقبل العمر أن الشّمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد، ولا لفعل بشر، وما زال هذا الدّرس ثابتا لا يتغيّر. وعندما نرى الذي ما يزال مصرّا على ربط الظواهر الطبيعية بحياته، نتساءل – صراحة – عن الكيفية التي أمكن له بها أن يصل بها إلى ما يتأوله في زلزال أو مطر أو رعد.. كيف أمكن لهذا العقل أن يستوعب نفسه بهذا الشّكل، في القرن الواحد والعشرين؟ المشكلة عويصة فعلا، ولا إمكان لتجاوزها إلا بفعل ثقافي غاية في الإتقان..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.