الآن وقد تمّت الفرحة بنتائج امتحانات شهادة التعليم المتوسط، في انتظار اكتمالها بنتائج البكالوريا، ينبغي أن يبدأ التفكير جديّا في وضع ميكانيزمات تكفل تجنّب حالات الغشّ التي تفسد على الطلبة المترشحين امتحاناتهم، ولا ننتظر الامتحانات المقبلة، كي نعود إلى التقنيات الظّرفية التي أظهرت أنّ أداءها ليس في المستوى المطلوب، كما أنّها تؤثر بشكل مباشر على كثير من الناس لا علاقة لهم بالامتحان، بل إنّها تعطّل مصالح كثيرة، خاصة للمؤسسات التي تعتمد كليّا في نشاطها على أنترنيت.
أمّا الغشّ فهو حالة إنسانية شائعة، وليس اختراعا من بنات أفكار طلبتنا، وإن اتّخذ شكلا مخيفا على مستوى مجتمعنا، بالنّظر إلى ما شهدنا من اختلاط في سلّم القيم، حتى صار الواحد من الناس يكتفي بالقول المشهور: «الناس الكلّ راهي هكذا».. مع أن ارتكاب الواحد والإثنين لما يخالف المعقول، ليس مبررا يصلح للسّير على خطاه، فالمجتمع السّويّ يرفض المساس بقيمه، ويضرب على يد كلّ من تسوّل له نفسه مخالفة أعرافه وتقاليده..
أما الإنسان، فهو يترفّع عن كلّ ما يسيء إليه، إن كانت نفسه عزيزة، ولا نعرف كيف يعامل الغشاش خاصة نفسه، حين يحصل على نتيجة، أو يحقّق مكسبا، يعرف جيّدا بأنه توصل إليه عن طريق الخداع؛ وعلى هذا، نعتقد بأن العمل على مكافحة الغشّ يقتضي بعض الصّبر على استعادة معنى «الأنفة الجزائرية».. تلك الأنفة التي حصّنت ذلك الطفل الجائع في قرية تالة، ومنحته القوة على إذلال الحركي الذي أراد أن يذلّه بجوعه، فألقى إليه بالخبز، ثم بقي ينظر إلى الطفل مشدوها وهو يراه يحمل الخبز، يقبّله، ويضعه في مكان عال، فـ»النيف» يتعالى عن كل الأوجاع، وصاحبه لا يقبل الدّنية لنفسه..
من الآخر.. نحتاج إلى استعادة عبقرية معنى الإنسان في بعض القلوب التي تسلل إليها المرض..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.