رفعت الرياضة الجزائرية راية الوطن الجزائر عاليا في مختلف المحافل والمنافسات الدولية التي شاركت فيها منذ الاستقلال، و برز العديد من الرياضيين والرياضيات الذين رفعوا التحدي ونجحوا في تحقيق نتائج مشرفة، عكست رغبتهم وطموحاتهم الكبيرة في النجاح وأصروا على مواصلة التقدم والسير نحو الأمام.
أبطال من أجيال مختلفة رفعوا الراية عاليا
وتبقى آخر محطة مهمة في مشوار الرياضة الجزائرية بالتزامن مع الاحتفال بستينية الاستقلال، هو احتضان حدث رياضي عالمي كبير ويتعلق الأمر بألعاب البحر الأبيض المتوسط التي تجري وقائعها على مستوى «الباهية» بوهران.
عرفت الرياضة الجزائرية إنجازات عديدة منذ الاستقلال ، وساهمت في رفع الراية الوطنية وتحقيق نتائج كبيرة في العديد من المنافسات والمسابقات التي شاركت فيها.
وهو الأمر الذي يؤكد أن الجزائر تزخر بالمواهب في مختلف الأصناف، ويحتاجون فقط إلى فرصة من أجل إثبات قدراتهم وإمكانياتهم على تقديم الإضافة المرجوة منهم في كل مرة يخوضون فيه تحديا من أجل تشريف الراية الوطنية.
مباشرة بعد الاستقلال، بدأت الهيكلة على مستوى الرياضة الجزائرية من خلال الاستعانة بالكفاءات التي نجحت في وضع الرياضة الجزائرية بصفة عامة على السكة الصحيحة، ومنها كانت الانطلاقة في مجالات مختلفة.
كرة القدم.. نجاحات أندية ومنتخبات
حققت كرة القدم الجزائرية العديد من الإنجازات في منافسات إقليمية ودولية، وهذا من طرف الأندية والمنتخبات الوطنية التي عرفت كيف تشرف الراية الوطنية، على مستوى المحافل الدولية التي شاركت فيها وكانت البداية مع سنوات السبعينات التي عرفت تحقيق تتويجين من المستوى العالي.
أغلى تتويج حققته الجزائر بعد الاستقلال كان خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي جرت في 1975 بعد الفوز بنهائي كرة القدم على حساب المنتخب الفرنسي، وهي مباراة تاريخية تمكن خلالها «الخضر» من الفوز، و سجل بتروني هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة من المباراة، قبل أن يضيف منقلتي الهدف الثالث .. في محطة تاريخية لا تنسى عاشها الجمهور الجزائري.
النتيجة كانت مثلما أرادها الشعب الجزائري في تلك الفترة، و نجح اللاعبون في الفوز في المواجهة، وهو الأمر الذي جعل الفرحة مضاعفة وهي فرحة الانتصار في المباراة والفوز على المنتخب الفرنسي، و كان الانتصار بطعم آخر وهو ما جعل المواجهة مهمة بالنسبة للوطن ككل.
افتتح فريق مولودية الجزائر عميد الأندية الجزائرية سجل تتويجات كرة القدم على مستوى الأندية، بعد الفوز بلقب كأس إفريقيا للأندية البطلة في نسختها السابقة التي أصبحت تسمى رابطة أبطال إفريقيا، وذلك في 1976، و خالف الفريق التوقعات ونجح في الظفر باللقب الغالي من خلال الاستفادة من تواجد جيل مميز من اللاعبين الذين رفعوا التحدي ونجحوا في الظفر باللقب القاري في الدور النهائي أمام نادي حافيا كوناكري الغيني.
وهنا أيضا كان بتروني رجل المباراة حين تمكن من توقيع الهدف الثالث، وبالتالي التعادل في المقابلتين .. واضطر الفريقان إلى لعب ضربات الترجيح التي ابتسمت لزملاء المدافع زنير وفوز المولودية باللقب القاري.
مونديال اسبانيا في 1982، سيبقى راسخا في الأذهان خاصة أنها كانت أول مشاركة بعد الاستقلال وأكثر من هذا تحقيق الانتصار على واحد من أقوى المنتخبات في العالم، وهو المنتخب الألماني الذي كان يعتقد لاعبوه أنهم أمام مواجهة ستكون بمثابة نزهة بالنسبة إليهم.
سارت المباراة لصالح المنتخب الوطني الذي أحرج لاعبوه نجوم المنتخب الألماني، ونجحوا في تحقيق انتصار سيبقى راسخا في ذاكرة الكرة الجزائرية وحتى تاريخ المونديال، خاصة أنها نتيجة لم تكن متوقعة تماما ومن الصعب نسيانها، بالنظر إلى أنها صنعت الحدث في تلك الفترة ومازالت، لحد الآن.
واصل المنتخب الوطني تألقه، حيث نجح في تحقيق التأهل لثاني مرة على التوالي إلى المونديال من خلال المشاركة في كأس العالم 1986 التي لم تكن نتيجتها في نفس مستوى مونديال 1982.
بعد أربع سنوات من مونديال المكسيك، نجحت كرة القدم الجزائرية في تحقيق إنجاز آخر غير مسبوق وهو الفوز بكأس إفريقيا للأمم سنة 1990، خلال الدورة التي احتضنتها الجزائر، وكانت المأمورية صعبة من أجل التتويج، إلا أن اللاعبين رفعوا التحدي مع ظهور جيل جديد من العناصر الواعدة في صورة ماجر ومناد.
إضافة إلى سرار والحارس عصماني، و كان التتويج في غاية الأهمية وسمح للجزائر بدخول قائمة المتوجين بكأس افريقيا.. وتمكن الراحل عبد الحميد كرمالي من تكوين فريق تنافسي أبهر جلّ المتتبعين بمستواه الجيد وفاز في كل مقابلاته ليحرز اللقب.
عرفت سنة 1990 تتويج آخر لكرة القدم الجزائرية، وهو فوز شبيبة القبائل بكأس إفريقيا للأندية البطلة، و يعد التتويج الثاني للفريق في هذه المنافسة بعد الفوز باللقب القاري سنة 1981، وواصل الفريق عروضه القوية من خلال الفوز بلقب قاري آخر سنة 1995 وهو كأس الكؤوس الإفريقية.
واصل فريق شبيبة القبائل تشريف كرة القدم الجزائرية في فترة عانى منها المنتخب، حيث تراجع مستواه كثيرا إلا أن «الكناري» كان حاضرا ونجح في الظفر بكأس «الكاف» لثلاث مرات على التوالي سنوات 2000-2001-2002، وهي الفترة التي عرفت امتلاك الفريق لجيل ذهبي من العناصر المميّزة.
عرفت سنة 2010 عودة المنتخب الوطني إلى الواجهة من جديد، من خلال التأهل إلى كأس العالم على حساب «الفراعنة» وأيضا بلوغ نصف نهائي «الكان» في الطبعة التي جرت نفس السنة بأنغولا، و خسر زملاء بزاز مباراة نصف النهائي أمام المنتخب المصري.
تألق المنتخب تواصل في 2014 بعد التأهل إلى المونديال، الذي جرى في البرازيل ونجح أشبال البوسني هاليلوزيتش في تحقيق إنجاز تاريخي، من خلال بلوغ الدور الثاني لأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية وهو الإنجاز الذي بقي راسخا في الأذهان، و تبعه تتويج وفاق سطيف برابطة الأبطال الافريقية.
آخر إنجاز للمنتخب الوطني كان سنة 2019 عندما توّج بكأس أمم إفريقيا للمرة الثانية في تاريخه، خلال الطبعة التي جرت بمصر، وعرفت ظهور جيل جديد من اللاعبين بقيادة المدرب بلماضي الذي عرف كيف يحضر عناصره لهذا الموعد، وينجحون في تحقيق اللقب الغالي الذي تبعته سلسلة تاريخية من المباريات بدون هزيمة.
ألعاب القوى.. إنجازات راسخة في الأذهان
رياضة ألعاب القوى هي الأخرى كان لها نصيب الأسد من المساهمة في تتويجات الجزائر على مستوى المحافل الدولية، والجميع يتذكر ما قام به كل من بوعلام رحوي في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي جرت في الجزائر، إضافة إلى تتويجات كل من بولمرقة ومرسلي وبنيدة مراح وحماد والبقية.
بداية إنجازات ألعاب القوى الجزائرية، كانت سنة 1975، بفضل العداء بوعلام رحوي الذي نجح في تحقيق الميدالية الذهبية وكان بإمكانه تحطيم الرقم القياسي العالمي بسهولة لو تعامل مع السباق بطريقة أفضل، و تراجع نسقه في الأمتار الأخيرة بالنظر إلى فرحته الكبيرة بالاقتراب من التتويج.
تتويج الجزائر بميداليات ذهبية في منافسات كبيرة مثل الألعاب الأولمبية، كان في 1992، حين نجحت البطلة الجزائرية حسيبة بولمرقة في الفوز بذهبية سباق 1500 في دورة الألعاب الأولمبية، التي جرت ببرشلونة الاسبانية .. وفي 1996 في الألعاب الأولمبية التي جرت بأطلنطا بفضل نور الدين مرسلي الذي فاز بذهبية 1500 متر.
بنيدة نورية مراح هي الأخرى نجحت في الظفر بالميدالية الذهبية، خلال ألعاب سيدني الأولمبية، سنة 2000، وهو الإنجاز الذي أضيف له إنجازات أخرى فيما بعد على غرار تتويج توفيق مخلوفي بذهبية 800 متر في الألعاب الأولمبية، التي جرت بلندن سنة 2012، قبل أن ينجح في الظفر بالفضية في ألعاب ريو دي جانيرو بالبرازيل 2016.
وكانت أولى الميداليات الأولمبية التي فازت بها الجزائر قد تحققت في الألعاب الأولمبية بلوس أنجلس، عام 1984، حين تمكن الملاكمان موسى وزاوي من الفوز بالميدالية البرونزية.
كرة اليد.. تتويجات لا تنسى
كرة اليد هي الأخرى نجحت في رفع راية الجزائر على مستوى المحافل الدولية بفضل الإنجازات العديدة التي حققتها والتي يبقى أهمها، هو الفوز بسبعة ألقاب قارية والوصول إلى النهائي لسبع مرات أيضا ومشاركات متواصلة في بطولة العالم، إضافة إلى منافسات أخرى تألقت فيها الكرة الصغيرة.
لا يمكن نسيان التتويجات المتتالية لكرة اليد الجزائرية سنوات الثمانينات بفضل جيل ذهبي من اللاعبين وتواجد مدرب محنك في صورة محمد عزيز درواز، حيث نجح المنتخب الوطني في التتويج باللقب القاري سنوات الثمانينات بداية من 1981-1983-1985-1987-1989 وكانت تلك العشرية تاريخ تألق كرة اليد الجزائرية.
انتظر المنتخب الوطني لكرة اليد إلى غاية 1996 للفوز بكأس إفريقيا، ويبقى آخر تتويج سنة 2014 راسخا في الأذهان بحكم أن المنافسة جرت بالجزائر وعرفت تقديم الجمهور لدعم كبير إلى العناصر الوطنية، من أجل التتويج باللقب القاري لآخر مرة ولم يتكرر الأمر، لحدّ الآن.
توّج المنتخب الوطني لكرة اليد بألقاب إقليمية، على غرار كأس العالم للقارات التي جرت سنة 1998، إضافة إلى الألعاب العربية سنة 1999 وألعاب التضامن الإسلامي سنة 2005، دون نسيان تتويجه بذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1987.
الملاكمة والجيدو.. نجوم وأبطال في الذاكرة
رياضتا الملاكمة والجيدو ساهمتا إلى حد كبير في تشريف الراية الوطنية على مستوى المحافل الدولية، ولا يمكن نسيان أبطال معروفين في صورة سواكري وبن قاسمية إضافة إلى الراحل سلطاني.
سليمة سواكري نجحت في التتويج ببطولة إفريقيا لـ12 مرة طيلة مشوارها الرياضي، وأكدت سيطرتها على أقل من 48 كلغ، وبعد ذلك أقل من 52 كلغ، ونفس الأمر انطبق على أبطال آخرين في نفس الرياضة على غرار مريجة وعمار بن يخلف وبويعقوب، وهم الذين نجحوا في التتويج ببطولات قارية .
وتمكن عمار بن يخلف من التتويج بالميدالية الفضية في أولمبياد بكين عام 2008 .. إلى جانب المصارعة صورية حداد التي فازت بالبرونز.
الملاكمة هي الأخرى نجحت في رفع الراية الوطنية على مستوى المحافل الدولية، حيث لا يمكن نسيان البطل الجزائري موسى الذي صنع الحدث وكان له بصمته في منافسة الفنّ النبيل، و كان له دور كبير في رفع الراية الوطنية رغم نقص الإمكانيات التي كان يعاني منها خلال تلك الفترة.
لا يمكن نسيان الثنائي بن قاسمية والراحل سلطاني الذي توّج بأول ميدالية ذهبية افريقية وعربية في الملاكمة على مستوى الألعاب الأولمبية في وزن الريشة، وهو ما جعله يدخل التاريخ من أوسع الأبواب، حيث نال هذا اللقب في ألعاب أطلنطا سنة 1996 وكان قد توّج سنة 1992 ببرونزية الملاكمة في الألعاب الأولمبية التي جرت ببرشلونة.
البطل الجزائري محمد بن قاسمية هو الآخر دخل تاريخ الملاكمة الجزائرية بعد الفوز بعدة ألقاب.
ويمكن الإشارة إلى فوز رياضيين جزائريين بالميداليات في الألعاب الأولمبية، على غرار العداء سعيدي سياف الذي فاز بالفضية في سباق 5000 م.. كما أن رياضيين فازوا بالبروز خلال الألعاب الأولمبية، في الملاكمة كل من بحاري وعلالو، إلى جانب ألعاب القوى سعيد قرني وحماد عبد الرحمان.