عملت الجزائر منذ 60 سنة من الاستقلال على الجمع بين الفرقاء من أجل خدمة قضايا عادلة هي أساس الدبلوماسية الجزائرية، وترجمت ذلك مبادرة الصلح التي قام رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مع القادة الفلسطينيين بعد قرابة 15 سنة من الفراق.
يقول أستاذ العلوم السياسية، إدريس عطية، إن مبادرة الصلح التي تبنتها الجزائر بقيادة الرئيس تبون، ليست غريبة على السياسة الخارجية الجزائرية، المعروفة بمثل مبادرات كهذه، منذ سنوات طويلة.
ويشير عطية، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، إلى أن الجزائر لمت شمل القادة الفلسطينيين المؤثرين في الساحة السياسية الفلسطينية في الوقت الحاضر، في خطوة تُحسب للجزائر، بعد أن عجز كثيرون عن تحويلها الى واقع يخدم الفلسطينيين.
ويلفت أستاذ العلوم السياسية الانتباه إلى أن “لهذه المبادرة دلالات متعددة، خاصة أنها أبرمت في يوم تاريخي عاشته الجزائر، وهو ستينية الاستقلال باستعراض عسكري ضخم، لهذا فإن إصلاح ذات البين بين رئيس دولة فلسطين وحركة “حماس” بعد سنوات من الفراق والجمود لا تقوم به إلا دولة مثل الجزائر”.
وبخصوص علاقة الجزائر بالقضية الفلسطينية حاليا، يؤكد المتحدث أنها قوية مثلما كانت في وقت سابق، وما يوضح ذلك هو “تأسس دولة فلسطين بالجزائر، ومن الجزائر سينطلق وهج المقاومة المُوحدّة في الأراضي المحتلة، والتاريخ سيكتب مجددا أن الجزائر كانت ولازالت مكة الثوار”.
ويرى عطية أن استمرار الصلح بين الفىسطينيين، يتطلب إرادة سياسية قوية وقرارا فلسطينيا تكون غايته فلسطين وليس مصالح حزبية وشخصية ومنافع مالية، ويضيف: “أملنا نجاح الدور الجزائري، طبعا، في رؤية جبهة فلسطينية موحدة تقاوم الاحتلال الصهيوني”.
وجوابا على سؤال متعلق بدور الجزائر عربيا وحتى إقليميا، يقول أستاذ العلوم السياسية: “استضافت الجزائر في ذكرى الاستقلال الستين رموز مقاومة افريقية معاصرة بارزة ضدّ الكولونيالية الفرنسية والأجنبية الجديدة، وهذا تأكيد على بعث جديد لسياسة الجزائر في مناصرة قضايا التحرر والجزائر تسلك في سياساتها الخارجية منذ أكثر من عام خطّ اللارجعة”.
وشدد عطية على أن الجزائر تنتظرها تحدّيات إقليمية أكبر بكثير، وبسبب إرادة سياسية استعادت مكانة تليق بثقلها التاريخي وموقعها الجيوبوليتيكي، فالرهان الأكبر -يضيف المتحدث- في الفترة القادمة سيتمحور حول قدرة القيادة السياسية على تسريع وتيرة الإصلاحات الداخلية وعلى رأسها الإصلاح الاقتصادي.
للإشارة، كان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، جمع، ليلة الثلاثاء، في لقاء تاريخي، بين رئيس دولة فلسطين محمود عباس والوفد المرافق له ووفد حركة حماس بقيادة رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية، بعد سنوات طويلة، لم يجتمعا فيها حول طاولة واحدة.