جهد منير يبذله المنتدى الثقافي الجزائري في التأصيل لفاعلية العمل، والتأسيس لأرضية مفاهيم تكون لها ثمراتها في الدّراسات الإنسانية على اختلافها. ولقد منحنا القائمون على المنتدى ما يستحقّ الحديث بافتخار وإكبار، فهم لم يخلفوا موعدهم مع متابعيهم على مختلف منصّات التّواصل الاجتماعي، حتى في يوم عيد الأضحى المبارك، ليجعلوا من الفرحة فرحتين، الأولى بحجاجنا الميامين وأداء سنّة الفداء، والثانية بجلسة دسمة حول مفهوم «العولمة» وواقعه ومآلاته بالعالم العربي.
وظاهر أن المدارسة المعرفية التي أقامها المنتدى، لم تكن لتؤثر شيئا على أجواء العيد، بل إنّها جعلت العيد عيدين؛ ذلك أن وقائعها جرت على تطبيق (زووم) ووزّعت عبر منصّات أخرى لتكون في متناول المتعطشين إلى المعرفة، وتمنحهم سانحة للنقاش، وتحتفظ لهم في الوقت نفسه بكلّ ما يحتاجون من وقت يقضونه بين أحبائهم في اليوم المبارك، وقد تكون هذه واحدة من حسنات تطوّر وسائط التّواصل في عصر العولمة بكلّ ما يحيطنا به من آلام تفرضها الحضارة المهيمنة.
ولسنا نرغب في مناقشة المفهوم ولا واقعه ومآلاته الممكنة، لكنّ نشير إلى أن الواقع المعولم يمنحنا الخيارات الكافية كي نكون فاعلين أو نكون غير ذلك، وها هو المنتدى الثقافي الجزائري يبرهن أن المسار العام للتاريخ لا تصنعه إملاءات الحضارة المهيمنة، بقدر ما توجّهه خياراتنا في الحياة، فليس هناك من يمتلك القدرة على تنصيب (المؤثرين!!) غيرنا، ولو أنّنا ندرك طبيعة اللّعبة العالمية، لعرفنا كيف نستغل ما توفّره الحضارة الجديدة كي نكون أفضل، ولا نكتفي بالراقصين وعارضي الموضة على (التيك توك)، والناعقين على (يوتيوب)، ولا نشكّ مطلقا بأنّ مبادرة المنتدى، في يوم العيد، تقول هذا بالذات.. الفاعلية في الحياة تحتاج فكرا نيّرا، ورؤية واضحة..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.