احتفى الاتحاد الإفريقي بعقدين من التأسيس، وفي نفس الوقت مازالت شعوب القارة السمراء كما المنظمة، تنظر إلى كلّ ما تحقق عبر هذا المسار الطويل الذي قطعته افريقيا من معركة الحرية إلى معارك مواجهة تحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية وسياسية، في خضم تنامي الشبكات الاجرامية وانتشار عدة بؤر للجماعات الإرهابية، وما تخلفه من انعدام الأمن والاستقرار والتنمية، بالإضافة إلى معاناة عديد البلدان الإفريقية بسبب غرقها في المديونية الثقيلة والفقر بالرغم من غناها طبيعيا وباطنيا بثروات ومواد خام، تستنزف تحت عدة أغطية، أولها مكافحة الإرهاب ومنع تمدد خطره نحو شمال الكرة الأرضية، فليس من الصدفة أن يستفحل بالتحديد في القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط متغذيا من الفقر والتخلف.
الأفارقة اليوم يراهنون على سواعد أبنائهم وعقول وذكاء باحثيهم وحنكة ونزاهة مسيريهم، للعودة من بعيد والتحرر من قيود دائرة التخلف والقفز إلى حلقة يتحلون فيها بوعي أكبر وشفافية أوسع والتزاما مستمرا في خدمة أوطانهم، ولا مكان في كل ذلك للمتقاعسين أو الفاسدين المتسببين في مزيد من الضعف والفقر والمعاناة.
إنّ الحرب الروسية الأوكرانية هي امتحان جديد ودرس آخر، يمكن أن يكون منعرجا حاسما لتصويب الرؤية وتأمين الغذاء، مع ضرورة تثمين الموارد البشرية والاقتصادية المهدرة، فلا يمكن لقارة لا تنتج ما تستهلك أن تنافس إقليميا ودوليا، ولن تكون مؤثرة وذات وزن وكلمتها مسموعة في المنظمات العالمية. إنّ إفريقيا لديها كل المقوّمات للانطلاق وبقوّة، في وقت مازالت معالم توجّهات متعدّدة لتكتلات جديدة ترمي بظلالها، ويمكن لإفريقيا أن تتحرك بصوت واحد، لتدافع عن مصالحها وتكافح ليس فقط الإرهاب بل الفقر والتخلف بوضع استراتجيات محلية لا تملى عليها من الخارج.
الإتحاد الإفريقي بإمكانه أن يقوم بدور متقدم بالأخذ بأيدي بلدان القارة نحو خوض المزيد من الإصلاحات وبناء الشراكات البينية داخل القارة الشاسعة والغنية والصامدة في وجه الجفاف والجوع والفقر، وهذا ما يؤهلها للاستماتة في تنمية بلدانها، لذا لا شك أن يكون المستقبل أفضل بكثير من كل ما عاشته هذه الشعوب التي كانت مغلوبة على أمرها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.