أوروبا قلقة وتبحث في كل مكان عن بدائل للطاقة الروسية، وتستعد لذلك بكل ما أوتيت من حلول متاحة، ولعل إغلاق خط «نورد ستريم» من أجل الصيانة رفع من مستويات مخاوفها، حيث سيعطّل ذلك جهودها المضنية لتخزين كميات إضافية من الغاز، كون فصل الشتاء المقبل لن يكون كباقي فصول السنوات الماضية بسبب قرار الإنقطاع عن الغاز الروسي في أقرب وقت، ولأنّ روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستعرف كيف تضغط لتثني الدول الغربية عن معاقبتها، حيث سيكون النفط أحد الأسلحة الإستراتجية بيدها.
الأمريكيّون بدورهم غير مرتاحين، بل جدّ مرتابين من وضعية السوق النفطية وتقلّباتها السّريعة التي تخدم المنتجين وتضع المستهلكين في حيرة وذهول، ويرافعون في الوقت الحالي لفرض سقف مقترح لسعر الخام الروسي، ومن ثم التنازل عن إعفاءات من العقوبات لطرح شحنات بسعر أقل، حتى لا تحل بهم الكارثة، أي بمعنى يقفز سعر برميل النفط إلى مستويات مفزعة، حيث يتوقع أن تبلغ حدود 140 دولار للبرميل، حسب تقديرات خبراء ومسؤولين أمريكيين.
مازالت الدعوات الأوروبية في هذا الظرف الحرج، متواصلة لمقاطعة الطاقة الروسية بشكل كامل والإعداد لها عبر توفير إمدادات أخرى تمنع حدوث أزمة التمديد بالطاقة للقارة العجوز، ويعد ذلك السيناريو الأصعب، والذي تتحرك من أجله قيادات دول أوروبية لمنع حدوثه، لأن من شأن ذلك أن يطال الآلة الاقتصادية في صدارتها أكبر اقتصاد في أوروبا، ويتعلق الأمر بالقاطرة الألمانية، ومن المبكر أن تعوّل هذه الدول على الطاقات المتجددة كبديل لما كانت تورده موسكو، مع تسريع عديد هذه الدول لتجسيد برامج إنشاء مفاعلات نووية جديدة للتموين بالطاقة.
وتلتقي دول الإتحاد الأوروبي في اجتماع يوم 26 جويلية المقبل، بهدف مناقشة الوضع الحالي والتحضير لإستراتيجية طوارئ تسمح بتوفير الطاقة لفصل الشتاء المقبل، وبالتالي تجنب حدوث أي أزمة تحرج مسار نموها، لكن مع ذلك ما زالت روسيا بإمكانها توظيف ورقة الغاز لتردّ على العقوبات المفروضة عليها، وفي هذا الوقت بالذات لا أحد يمكنه أن يتوقع ما سيحدث بالسوق الطاقوية، فقط أن أسعار النفط لن تنزل عن سقف 100 دولار للبرميل، بينما الغاز ما زال يحلق عاليا، ولن تهدأ فورته السعرية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.