تعوّدنا على قراءة كثير من البرقيات، من مختلف أنحاء العالم، تشكو التّزايد السكاني، وتدعو إلى تحديد النّسل، وإجراءات أخرى تتذرع بالاقتصاديات والأوضاع الاجتماعية وما شابه مما يتأثر مباشرة بارتفاع التعداد. ولقد هالنا أن نقع على برقية عجيبة في الموضوع، تنقل مخاوف الاتحاد الأوروبي من انخفاض عدد السّكان، وتردّ فاجعتها إلى ما تصفه بـ «التداعيات المتواصلة لفيروس كوفيد»..
ولقد ضرب الاتحاد الأوروبي أخماسه على أسداسه، حين اكتشف أن ما يسميه (عامل الهجرة الإيجابي) لم يقابل عدد الوفيات، ووجد أنه أحدث نقصا مخيفا في عدد السكان، خاصة وأن هؤلاء بينهم نسبة عالية من الشّيوخ والعجائز، ما يعني أن نسبة التباين السلبي في التعداد السّكاني، يمكن أن تتواصل خلال السنوات القادمة.
ولا نظن مطلقا بأن «كوفيد» أحدث النّقص الذي يرعب الاتحاد الأوروبي، فهذا (بسلامتو) أصاب العالم أجمع، ولم تحتكره أوروبا مثلما تحتكر كثيرا من أسباب الحياة، ثم إن المهاجرين منعتهم أوروبا نفسها، ووضعت أمامهم متاريس، على أساس أنها لا تقبل إلا العيون الزرق والشعر الأصفر، مع أن نسبة الذين يرغبون في التنقل إلى أوروبا ضعيفة مقارنة بتعداد السكان العالمي. وعلى هذا، نرى أن المشكلة تكمن في جانب آخر يرفض دهاقنة الاتحاد أن ينظروا إليه..
نعتقد صراحة، أن مشكلة أوروبا الرئيسية هي معاداتها لما ينبغي أن تكون عليه الطبيعة الإنسانية. ولقد حرصت على صناعة فكر يتأسس على العنصرية المقيتة، ويضاد الطبيعة من خلال التشجيع على ما يسمونه الحريات الشّخصية التي تجعل لقيمة «الحرية» قراءات توافق نصف العين التي تنظر بها إلى بقية العالم.. حرية عجيبة ترى أن الاعتداء على رموز الناس، حق تعبير، بينما ترغي وتزبد أمام أقل نقد موضوعي يطالها.
وعلى هذا، نعتقد أن مشكلة أوروبا الرئيسية إنما تكمن في سلّم قيمها الذي بدأ في الانقلاب عليها..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.