تختتم الدورة البرلمانية العادية 2021-2022 اليوم الخميس. ويسدل البرلمان بغرفتيه، اليوم الخميس، الستار عن عمله التشريعي للسنة الأولى من العهدة التشريعية التاسعة، التي انطلقت في سبتمبر 2021 وتنتهي في 14 جويلية الجاري، بعد تمديد الدورة البرلمانية العادية بطلب من الوزير الأول، نظرا لكثافة الرزنامة التشريعية وتكييف القوانين مع دستور 2020.
صادق البرلمان على عشرات مشاريع القوانين تتعلق بالحياة الاقتصادية للبلاد، وحزمة قوانين تخصّ العدالة وترقية التشغيل.
ووُصفت مشاريع القوانين التي مرت عبر الهيئة التشريعية خلال سنتها الأولى من العهدة التاسعة، بـ”الثقيلة” والساخنة، نظرا لحساسيتها.
وكان أول امتحان لنواب وأعضاء غرفتي البرلمان هو قانون المالية لسنة 2022.
وصادق البرلمان أيضا على قانون المضاربة، الذي أحدث لغطا كبيرا، وهذا من أجل وضع حد لسماسرة السوق، الذين يريدون فرض منطق العصابات، وهذا من أجل تسليط عقوبات قاسية على المتلاعبين بقوت المواطن اليومي، تصل حدّ الإعدام.
ومن أبرز القوانين التي اتسمت بها هذه الدورة، قانون الاستثمار الذي تمت المصادقة عليه خلال جلسة علنية محدودة، حيث يعتبر من أثقل القوانين وأهمها خلال هذه للدورة، لما يحمله من وزن اقتصادي وآثاره المنتظرة على الفاعلين الاقتصاديين المحليين والأجانب، قصد وضع بيئة استثمارية تسودها الثقة بين المستثمر ومؤسسات الدولة.
ويرتكز القانون الجديد على مبدإ حرية الاستثمار والمبادرة، استقرار الإطار التشريعي للاستثمار لمدة لا تقل عن 10 سنوات، تبسيط الإجراءات وتقليص مساحة السلطة التقديرية للإدارة في مجال معالجة ملفات الاستثمار، لاسيما تلك التي تعتمد على التمويل الذاتي، اقتصار الامتيازات والحوافز الضريبية على توجيه الاستثمار ضمن الآجال المحددة، اقتصار الامتيازات والحوافز الضريبية على توجيه الاستثمار، ودعمه في بعض القطاعات أو المناطق التي تحظى باهتمام خاص، من الدولة دون غيرها، واعتماد مقاربة براغماتية في التعامل مع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تعمل على جذب الاستثمارات التي تضمن نقل التكنولوجيا وتوفير مناصب العمل.
أما عن بقية مشاريع القوانين، فتتعلق أساسا بقطاع العدالة، الذي أخذ حصة الأسد، وتمت المصادقة على مشروع القانون العضوي الذي يحدد طرق انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وقواعد تنظيمه وعمله، وكذا مشروع القانون الذي يحدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، في قفزة نوعية لمحاربة ظاهرة الفساد التي وضعت اقتصاد البلاد على المحك.
وتم تمرير مشروع قانون يتضمن التقسيم القضائي، إلى جانب مشروع قانون يعدل ويتمم الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 والمتضمن القانون التجاري، إلى ذلك أيضا مشاريع قوانين عضوية تتعلق بالتنظيم الإقليمي للبلاد واختصاصات مجلس الدولة والتنظيم القضائي، وكذا المساعدة القضائية، وكذا مشروع قانون عضوي يحدد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية، ومشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
أما في قطاعات أخرى، على غرار العمل وترقية التشغيل، فقد صوت البرلمان لصالح قانون عضوي متعلق بالحق النقابي، وعلى مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم: 90-11 المؤرخ في 21 أبريل 1990، المتعلق بعلاقات العمل، فضلا عن قانون الاحتياط العسكري، ومشروع قانون يتمم القانون رقم 01-11 المؤرخ في 11 ربيع الثاني عام 1422 الموافق 3 يوليو سنة 2001 والمتعلق بالصيد البحري وتربية المائيات.
وصادق نواب الشعب، على مشروع القانون المحدد لتنظيم الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات وتشكيلتها وسيرها ومهامها، ناهيك عن قانون يتعلق بتسيير المساحات الخضراء وحمايتها، والمصادقة أيضا على نص قانون تسوية الميزانية لسنة 2019.
ولأن العمل التشريعي يقتضي ضرورة تمرير الأوامر الرئاسية، فقد صوتت غرفتا البرلمان على مشاريع قوانين تخص 13 أمرية رئاسية معدلة ومتممة لقوانين متعلقة بقطاعات الداخلية والجماعات المحلية، العدالة، الضمان الاجتماعي وكذا الدفاع والمالية تخص التنظيم الإقليمي للبلاد، وأيضا الأمر رقم 21-02 الذي يحدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات البرلمان. وكذا الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
وصودق على الأمر المتضمن قانون العقوبات، إضافة إلى الأمر المتعلق بحماية المعلومات والوثائق الإدارية، وكذا الأمر المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، إلى جانب التصويت على أمر القانون المتعلق بالتدابير الاستثنائية لفائدة المستخدمين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا لحسابهم الخاص المدنيين باشتراكات الضمان الاجتماعي، وأيضا الأمر المتضمن قانون المعاشات العسكرية، وأخيرا الأمر من القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين.
وواكبت السنة البرلمانية الأولى، من العهدة التشريعية التاسعة، بعد إجراء استحقاقات شفافة لانتخاب نواب الشعب، بعد حل البرلمان في نسخته القديمة خلال سنة 2021، بغية تحقيق طموح «الجزائر الجديدة»، التي وضعت نصب عينيها تحقيق الإقلاع الاقتصادي، الذي لن يتأتى إلا بمواكبة البرلمان لهذه الديناميكية والحركية، موازاة مع تنفيذ أغلب التزامات الرئيس عبد المجيد تبون الاقتصادية، السياسية والاجتماعية، في انتظار تحقيق المزيد خلال الأشهر المتبقية.
تجدر الإشارة، إلى أنه من المنتظر افتتاح الدورة البرلمانية المقبلة 2022-2023، في بداية شهر سبتمبر، كما تنص عليه المادة 138 من الدستور، إذ يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة مدتها 10 أشهر وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر جوان.
وتنتظر النواب وأعضاء مجلس الأمة أجندة مكثفة أيضا، بغية استكمال الرزنامة التشريعية، على غرار إثراء قانون الجمعيات، قانوني الإعلام والسمعي البصري، فضلا عن استكمال إصلاحات قطاع العدالة، من خلال تعديل قوانين خاصة بالقطاع، على غرار قانون مكافحة المخدرات وقوانين أخرى دورية تتميز بها كل دورة برلمانية، مثل قانون المالية للسنة المقبلة 2023.