ستعزز السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته المنصبة حديثا، مساعي إصلاح المنظومة القضائية وأخلقه الحياة العامة، وتعزيز آليات المساءلة والمحاسبة لمجابهة تجاوزات وممارسات ارتبطت بالفساد وسوء التسيير ونهب المال العام.
يتوقع مختصون في هذا الشأن أن تمنح السلطة العليا للشافية والوقاية من الفساد ومكافحته، المنصبة من قبل الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان (الثلاثاء)، نفسا جديدا للمنظومة القضائية بالجزائر، في إطار مساعي السلطات العليا في البلاد الساعية دوما لمواصلة مسار الإصلاحات تكريسا لدولة الحق والقانون.
تتمتع هذه السلطة، مثلما أكد الوزير الأول، بصلاحيات واسعة تتولى بموجبها وضع إستراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والسهر على تنفيذها ومتابعتها والمساهمة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد، إلى جانب المساهمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعلين الآخرين في نشر ثقافة نبذ الفساد وحماية المال العام.
استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج
في الموضوع، يقول الخبير الدستوري عامر رخيلة، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، إن لهذه الهيئة أهمية تتجلى في أبعاد قضائية وفكرية ومجتمعية كثيرة، وإذا تمتعت بالشفافية اللازمة – يوضح المتحدث- ستحقق غايات قضائية هامة، منها المساهمة في استرجاع مليارات الدولارات المهربة خارج البلاد.
مثل هذه المؤسسات، حسب رخيلة، من شأنها أن تلغي اعتقادات سايدة في المجتمع، مثل، “اعتقاد كان سائدا عن أشخاص فوق القانون بدأ يزول بدليل المحاكمات القضائية التي شهدتها الجزائر في السنوات الأخيرة، والجهود المتواصلة لتعزيز دور القضاء واستقلاليته سيلغي مثل هذه الاعتقادات مستقبلا”.
وعن أدوار هذه الهيئة، يرى الخبير الدستوري أن السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته ينتظر أن تلعب دورا هاما تجاه الجهات الرقابية والقضائية في عملية الوقاية من الفساد ومجابهته، فضلا عن أبعاد فكرية ومجتمعية تندرج في إطار أخلقة الحياة العامة.
في إطار مكافحة الفساد والوقاية منه، يقول رخيلة إن النص التشريعي رقم 01/06، الذي صدر سنة 2006، كان بديل للمادة 117 من قانون العقوبات.
لكن “للأسف هذا القانون (رقم 01/06) واجه إشكالية تحريك الدعوى العمومية، ومع ذلك كان القضاء يشتغل على قضايا وملفات. الأكيد أن السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته ستكون متنفسا جديدا للقضاء”.
في السياق ذاته، يربط المتحدث أهمية هذه الهيئة المستحدثة أول أمس، بدورها الداخلي في تعزيز دور المؤسسات القضائية وتقوية آليات التحري، التحقيق، المساءلة والمحاسبة، ويقول: ” لها مهمة خارجية أيضا، مثلما هو معلوم توجد أحكام قضائية يصعب تنفذيها، خاصة لما يتعلق الأمر بمؤسسات مالية مستقلة عن حكوماتها، كثير من الدول تجد صعوبة في استرجاع أموال منهوبة برغم من وجود أحكام قضائية نهائية”.
ولدى تنصيب رئيسة السلطة وأعضائها، أشار الوزير الأول إلى محور أخلقة الحياة العامة، المندرج في مخطط عمل الحكومة، والمنبثق من التزامات رئيس الجمهورية، والقاضي بإصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته من أجل تشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الفساد، واعتماد الآليات العملية لتسيير الأملاك المحجوزة والمصادرة وتسيير الشركات محل المتابعات القضائية في قضايا فساد.
ونوّه الوزير الأول بخبرة وكفاءة رئيسة وأعضاء هذه السلطة من شأنها المساهمة في تحقيق هذه الأهداف، والدعم الذي يلقونه من قبل الحكومة تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية الذي أمر بتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح للسلطة بتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.