أكّد الخبير في القانون الدستوري، أحمد دخينيسة، أنّ الدستور نوفمبر 2020 أعطى السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد مكانة أكبر وصلاحيات مستمدة من وضع الشفافية كمبدأ مطلق لتسيير جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والإدارية في مرحلة جديدة يراد لها أن تكون ضمانة دستورية ومؤسساتية لتكريس دولة الحق والقانون.
أوضح الخبير في القانون الدستوري في تصريح خصّ به «الشعب «، أنّ الهيئة سيكون لها دورا وقائيا من الفساد بالمعنى الواسع الذي يكرس مبدأ الشفافية في تسيير الأموال العمومية والصفقات العمومية على الأملاك العمومية والتوظيف والتسيير العمومي، ولن تقتصر مهامها فقط على التبليغ عن الفساد ومتابعة المتورطين في قضايا الفساد بل ستعمل على مكافحة الفساد من جذوره وحماية المال العام وضمان بناء مؤسسات جديدة تعتمد على الشفافية.
واعتبر الخبير في القانون العام بأنّ تنوّع تشكيلة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته تعطي صورة واضحة عن الإرادة والبحث عن فعاليات هذه السياسات وليس مجرد واجهة لواقع مرير، خاصة وأنها تضم خبراء من مستوى عال وتشمل إلى جانب قضاة وشخصيات وطنية ممثلين عن المجتمع المدني لتجعل منها هيئة أكثر مصداقية، بالإضافة إلى أنّها تؤسّس لمرحلة جديدة قوية بمؤسساتها التي تعتمد على النزاهة في التسيير والحكم الراشد وتكرّس فيها أسس دولة القانون.
وتابع أنّ مكافحة الفساد وضمان ترقية الشفافية يعتبر قضية أساسية، وتتم من خلال وضع إستراتيجية وطنية بإشراك جميع القطاعات والمجتمع المدني، خاصة وأنه توجد العديد من الهيئات التي تتدخل في تكريس الشفافية ودمج قواعد أخلاقيات المهنة وفرض التسيير العادل، مؤكدا أهمية تسطير أهداف تحدّد على مدار 5 سنوات مع الأخذ بعين الاعتبار مؤشرات الأداء والإحصائيات وتحديد الإجراءات المتخذة في إطار بناء مؤسسات قوية بعيدة عن أساليب الفساد الإداري والمالي.
وبحسبه فإنّ تأثير الفساد على الجانب الاقتصادي كبير ويتعلق الأمر أيضا بالتعاملات الاقتصادية الدولية نظرا لوجود تصنيف دولي يخضع لمبدأ الشفافية ويسمح بخلق مناخ استثمار جيّد والوصول إلى صفقات الدولة، وقد ينعكس ذلك سلبا على الدول التي ينخر فيها مظاهر الفساد، مذكرا بالسياسية الفاسدة الناتجة عن النظام السابق والتي مسّت حتى المؤسسات السيادية للدولة والبرلمان ونهب الأموال العمومية.
وأضاف دخينيسة بأنّ الفساد له تكلفة باهظة وينعكس سلبا ميكانيزمات السوق ويقف عائقا أمام أهداف تحقيق النجاح الاقتصادي، لاسيما الفساد الإداري في كافة أشكاله من التعيينات والصفقات وتسيير المال العام، مبرزا أهمية تنصيب الهيئة العليا للشفافية والوقاية من الفساد التي سيكون لها سلطة معنوية وأخلاقية ودورا في المراقبة والتحري الإداري والمالي وكذا المساهمة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية فضلا على تقييم الاستراتيجيات القطاعية.