«المحترف».. مفهوم يتضمّن كثيرا من التخريجات، قد يكون أهمّها ذلك المتعلّق بوصف شخص يمارس نشاطا معيّنا يوافق مؤهلات عليا، تضمن له القيام على واجباته بكفاءة عالية، غير أنّ «المؤهّل» و»الكفاءة» معا، لا يمكن ضبطهما ضبطا دقيقا، فهما يتغيّران بتغيّر حقل النّشاط، فـ»الطبيب الجراح» ينبغي أن يحصل على مستوى أكاديمي معيّن، بينما لا يكون هذا المستوى مطلوبا من لاعب كرة القدم، مثلا، مع أنّهما معا يمكن أن يظهرا احترافية عالية في القيام على ما يشتغلان به؛ ولهذا، نعتقد أنّ التعريف البسيط القائل إنّ «محترف المهنة المعينة، هو من يعيش بممارسة المهنة المعينة حصرا»، وهكذا، يصبح «هاويا» كلّ من يتّخذ من مهنة ما، مجال لعب ولهو، وهو لا يحتاجها في تحصيل قوت يومه.
وإذا كان من الصعب اللّهو بمهنة الطبيب الجراح، وإن كان بعض (النابغين) اخترعوا لها مهنة (الطبيب البديل)، فإنّ مهنة «الصحافة» تبقى الأكثر (تفتّحا) و(قبولا) لجميع أصناف اللهو واللّعب والعبث، فقد صار الواحد من الناس يكتفي بدخول موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، فينشر أيّ كلام، قد لا يخضع حتى لمعايير الكلام، بل عن معايير الأنواع الصحفية، ثمّ يتحوّل إلى (صحفي مقتدر)، ويبدأ في علك شعارات «حرية التعبير»، و«الحق في المعلومة»، ثم ينهمر على الناس بأخبار مغلوطة، وأخرى مغالطة، معتبرا أنّه يمارس حقّه الشرعي في «إعلام» الناس، رغما عن القانون الذي يحدّد معنى الوسيط الإعلامي، ويشترط للصحفي شروطا واضحة.
ونعتقد أن لا وجود لصحفي محترف وصحفي هاو، فالصحفي محترف بالضرورة، لأنّه يثبت مستوى تكوين جامعي أولا، ثم يثبت انتماءه إلى وسيط إعلامي يوافق القانون، ولا نعتقد مطلقا بأنّ تخليص الإعلام من العبث ممكن دون الفصل في هذا الوضع بالذات..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.