حتى اليوم، مضى شهر على مذبحة مليلية التي راح ضحيتها عشرات المهاجرين الأفارقة أثناء محاولتهم العبور إلى إسبانيا.
وباستثناء المنظمات الحقوقية، لم نسجّل أيّ تحرّك أممي للتحقيق في عملية القمع التي طالت في 24 جوان الماضي شبابا إفريقيا يائسا، كلّ همّه كان الفرار من ظروفه المعيشية البائسة والانتقال إلى الضفّة الأخرى التي أصبحت، للأسف الشديد، تسدّ منافذها في وجه المهاجرين غير الشرعيين، وتعامل من يحاول الوصول إليها بوحشية ولاإنسانية مريعة.
الجميع أدار ظهره لضحايا سياج مليلية ولم يعد أحد يذكر نحو 40 مهاجرا قتلوا على يد قوات الحدود المغربية، إما بإطلاق النار، أو بالسقوط من فوق السياج الحدودي العالي، أو بالضرب والرّفس، فقط المنظمات الحقوقية مازالت ترافع من أجل الكشف عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات ومعاقبة المجرمين.
ووفقًا لأحدث تقرير صادر عن منظمة “كاميناندو فرونتيراس” الإسبانية غير الحكومية المدافعة عن حقوق المهاجرين، فإن مسؤولية مجزرة مليلية تتحمّلها مدريد والرباط على حدّ سواء، فالعنف ضد المهاجرين تصاعد منذ إعادة العلاقات بين الجانبين.
وبحسب بيانات هذه المنظمة، فإنّ العنف لم يتوقّف ضدّ المهاجرين يوما، ومجزرة مليلية لم تكن إلا القطرة التي أفاضت الكأس، فقدَ قتل 978 شخصًا في الأشهر الستة الأولى من العام على طرق الوصول إلى إسبانيا، 41 منهم قصّر.
منظمة “كاميناندو فرونتيراس” الإسبانية خلصت في تقريرها، إلى أن ما حصل قرب سياج مليلية كان جريمة مدبّرة، حيث أنه قبل مأساة 24 جوان، تحديدًا منذ ماي الماضي، بدأت ملاحقة المهاجرين حتى أصبحت الغابات المغربية بالناظور منطقة حرب.
وتعرّض المهاجرون غير الشرعيين – كما قالت المنظمة – “لهجمات عسكرية كانت تتكرر مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيا، باستخدام استراتيجيات أكثر عدوانية، وإقحام المزيد من الآليات العسكرية التي زادت من الأضرار التي لحقت بالمهاجرين خلال الغارات”.
وبحسب المنظمة “في ذلك اليوم كانت هناك رسالة واضحة؛ أمامهم 24 ساعة لإخلاء المكان وإلا ستزداد أعمال العنف في الغارة القادمة”.
وهكذا، “قرر حوالي 1800 شخص -وفق تقرير “كاميناندو فرونتيراس”- التوجه نحو سياج مليلية وهناك حدثت الكارثة، فمن لم يمت بالرصاص قتل بالسقوط والتدافع والرّفس. وقد “مرت القوات المغربية فوق الجثث بأحذيتها، ومن لم يعد بإمكانه التحرك تم جره وتركه في الشمس، وإذا تحرك يتعرض للضرب حتى تكسر عظامه ويتوقف عن الحركة”.
مأساة مليلية جريمة مكتملة الأركان، فهل سيعاقب الجناة؟