من الأعاجيب الثقافية التي عكف على ترسيخها بعض المحسوبين على «النخبة»، أنّ الأسماء اللامعة في عالم الفنّ والأدب لا يجب أن تكون إلا من دائرة (النخبة إياها)، على أساس أنها أخذت الإبداع احتكارا، واستحوذت عليه بصفة مطلقة لا ينبغي المساس بها، مع أنّ المنجز الإبداعي والفني لهذه النخبة، ركيك للغاية ولا يجد قبولا حتى فيما بين أعضائها.
ولقد تابعنا أطوار التهجّمات المنظّمة التي انهالت على ياسمينة خضرة، وهو القامة السامية في عالم الكتابة الروائية، تماما مثلما تابعنا التهجمات من قبل على الروائي العالمي واسيني الأعرج، والكبير سمير قسيمي، والرائعة سارة النّمس، ولم يسلم طاهر وطار ولا عبد الحميد بن هدوقة، ولا حتى آسيا جبار وآخرين، لم يكن لهم من ذنب سوى جمال أسلوبهم وروعة طرحهم، ما يعني أن هؤلاء يقصدون قصدا إلى النيل من كلّ عمل إبداعي أو فنيّ جزائري، بقصد احتكار الساحة والهيمنة عليها، رغم أنّهم لا يعرفون عن عالم الثقافة والإبداع شيئا يستحق الاهتمام، ورغما عمّا يصفونه بأنه (أعمالهم الأدبية)، مع أنه لا يرقى لأن يصنّف مع مواضيع الإنشاء..
ونعلم أن عالم الإبداع متعال عن تراتبية التفضيل، فالعمل الرّوائي متفرّد بجماله، ولا يمكن قياسه بهذا العمل أو ذاك. ولهذا، لا نجد أيّ معنى لوضع (مفضليات) للرواية، ويكفينا منها أن تكون متوافقة مع طبيعتها الأجناسية لتؤدي وظائفها المنوطة بها، وهذا وحده يكفي لهدم كلّ الحيل التي تذرّع بها المنزعجون من انتشار الرواية الجزائرية، بشكل لم يتحقّق لهم، بل لا يحلمون مجرد حلم بتحقيقه.
إن الصّرح الرّوائي الجزائري أكبر من أن ينال منه مندسون على الأدب، متسلقون في ميادين ثقافية لا علاقة لهم بها تتجاوز مصالحهم الصغيرة. والقارئ الورع، لا شكّ، يعرف الكاتب الورع، ولا يضيره النفخ في الرّماد..