العناية بـ “الطرقات”، والاهتمام بسلامتها دوريّا، ليس يعدّ من نوافل الأعمال التي يمكن إرجاؤها أو التهاون في القيام عليها، وإنّما هي ضرورية جدّا، وينبغي الحرص عليها في وقتها، تجنّبا لما يمكن أن توقع من أضرار، خاصة مع الأرقام المهولة للحوادث، حتى وإن قدّرنا أن الأسباب المباشرة لمختلف حوادث الطرقات، إنما تعود إلى العامل البشري، مثل الإفراط في السّرعة، أو عدم الامتثال للقوانين المسيرة للمرور، فضمان السّلامة يقتضي اتّخاذ جميع التّدابير والإجراءات، دون اعتبار أولوية هذا الإجراء على ذاك؛ لأنها ذات أولوية كلها على بعضها.
ولا شكّ أن وضوح «مضامير السير» بالطرقات – على سبيل المثال – له دوره الكبير في التزام كل سائق بمضماره، عوضا عن السّياقة خبط عشواء في كل اتجاه، والظاهر أن المؤسسات المكلفة بصيانة الطرق لم تعد تولي هذه المضامير العناية اللازمة، فصارت الخطوط البيضاء باهتة في معظم طرقنا، واختفت المضامير، بل إن كثيرا من الطرقات التي يفترض أن تستعمل الأدوات العاكسة للضوء (الكاتافوت)، استغنت عنها، فصارت تمثّل عبئا كبيرا في تمييز الحدود التي لا ينبغي أن يتجاوزها السّائق أثناء اللّيل.
ونعلم أن المسؤولية لا تتحمّلها مؤسسات الصيانة وحدها، فمستعملو الطرقات يتحمّلون جزءا لابأس به من المسؤولية، ومن ذلك أنهم يطلقون العنان لـ”زمرات التنبيه” داخل الأنفاق، ما يتسبب في كسر الأضواء، غير أن هذا لا يعفي المكلفين بصيانة الطرق من القيام بواجباتهم، ولا يجبرهم على التهاون في تحديد المضامير؛ ذلك أن الحوادث المؤلمة، هي مسؤولية ثقيلة يتحمّل أعباءها الجميع، وأرقامها المخيفة التي تتواتر كل أسبوع، تؤكد أن دينار دهان يحدّد المضمار، يمكن أن ينقذ الأرواح..