الدخول المدرسي المقبل سيكون بمثابة عودة تدريجية إلى السنة الدراسية العادية، بعيدا عن الإجراءات الاستثنائية للتمدرس، وسيكون هذا الدخول مميزا وخاصا بعد ادراج اللغة الإنجليزية رسميا في الطور الابتدائي تنفيذا لقرارات رئيس الجمهورية.
بعد سنتين من الدخول المدرسي الاستثنائي بسبب جائحة كورونا والتطبيق الصارم لبروتوكول وقائي صحي لمنع تحول المؤسسات التعليمية الى بؤر لانتشار الفيروس، سيكون الدخول المدرسي المقبل تحسينا لأداء المدرسة في الجزائر حتى تواكب التطور العلمي والتكنولوجي العالمي، إضافة إلى اطلاق مشروع المدرسة الذكية بإدراج اللوحة الرقمية في التعليم الابتدائي، وهي خطوة يرجى من وراءها تخفيف عبء ثقل المحفظة، والانتقال إلى مستوى تعليمي آخر لتطوير الأداء البيداغوجي والتعليمي.
منحة 5 آلاف دينار ستقدّم لمستحقيها في الآجال المحددة
في إطار تحضيراتها للدخول المدرسي القادم، تحرص وزارة التربية على إنجاحه من خلال توفير كل الإمكانات البشرية والمادية والتسييرية، من خلال تحسين أداء المدرسة الجزائرية في الجانب المتعلق بالتعليمات والتقويم البيداغوجي والوسائل التعليمية في كافة المراحل التعليمية، إلى جانب تكوين المتكوّنين والرفع من مستوى أدائهم المهني، «في المسعى الرامي إلى تحسين مؤشّرات النّوعية في أبعادها البيداغوجية والتسييرية والاستثمارية».
في هذا الصدد، أوصت الوزارة بالعمل على توفير الظروف الجيدة والملائمة لضمان دخول مدرسي ناجح على جميع الأصعدة، بالتحضير الجيد لكل العمليات المرتبطة به، من أجل تجسيد أهداف قطاع التربية الوطنية المتعلقة بـ «تحقيق مدرسة ذات نوعية تضمن تكافؤ الفرص لجميع الأطفال، والإنصاف بينهم للاستفادة من تعليم ذي نوعية، وتطوير منظومة مدرسية لا تقتصر على ضمان التمدرس فحسب بل تمنح لكل تلميذ نفس فرص النجاح».
الإنجليزية في الابتدائي
في لقائه الأخير مع إطارات الوزارة، شدّد وزير التربية على الجاهزية التامة لإنجاح الدخول المدرسي خاصة ما تعلق بإدراج اللغة الإنجليزية في المدرسة الابتدائية ابتداء من مستوى السنة الثالثة، خطوة يعتبرها المختصون عملاقة وتاريخية نحو تحييد المدرسة وابعادها عن الصراع الاديولوجي القديم، خاصة وأنّ الخطوة جاءت بعد دراسة عميقة للخبراء والمختصين، الذين أكّدوا أنّها حتمية لا مفر منها، بل أكثر من ذلك كانت الإنجليزية مطلب النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ لسنوات طويلة.
وتنفيذا لقرار رئيس الجمهورية، بدأت مديريات التربية بمختلف مناطق الوطن استقبال ملفات الراغبين في تدريس هذه المادة في المدرسة الابتدائية، حيث تحصي بعض النقابات ضرورة توظيف 25 ألف أستاذ إنجليزية لتغطية 20 ألف من المدارس الابتدائية عبر الوطن، وقد أمرت الوزارة الوصية في وقت سابق فتح باب التوظيف بالتعاقد، لحاملي شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية، أو الترجمة من وإلى نفس اللغة.
طبع ما يقارب مليون كتاب لغة إنجليزية للسنة الثالثة ابتدائي
وستشرع وزارة التربية الوطنية من خلال الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، في طبع 950 ألف كتاب جديد في مادة الانجليزية، توجّه خصيصا لتلاميذ الثالثة ابتدائي فقط، ليتم توزيعها على المدارس الابتدائية في آجال أقصاها 10 سبتمبر المقبل، وذلك تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وأعطى رئيس الجمهورية في آخر لقاء له مع الصحافة الوطنية الضوء الأخضر لتدريس اللغة الإنجليزية في الطور الابتدائي، مؤكّدا أنّها لغة العلم والتواصل في العالم، على اعتبار أن الفرنسية غنيمة حرب، بالرغم من الرهان والتحدي الكبير الذي أثاره القرار، إلا أن الجزائر ماضية في تنفيذه على مستوى المدارس الابتدائية اعتبارا من الدخول المدرسي 2022-2023، ما يدخلها في مرحلة جديدة نحو الانفتاح على التكنولوجيا والعالم.
تخفيف وزن المحفظة
أما فيما يتعلق بتخفيف وزن المحفظة التي أثارت الكثير من الجدل وسط أولياء التلاميذ، الذين يشتكون كل سنة من وزنها الثقيل، وتسببه في بعض الأمراض للأطفال الصغار، قد يصل الأمر الى تشوه في العمود الفقري، لذلك تعمل الوزارة الوصية على أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار، خاصة وأن رئيس الجمهورية قد أكّد في اجتماعات سابقة لمجلس وزراء ضرورة العمل على تخفيفها.
وفي السياق، دعا وزير التربية مديري التربية الى السهر على متابعة هذه العملية من خلال تحسيس تلاميذ مرحلة الابتدائي بكيفيات ترتيب المحفظة المدرسية للتخفيف من ثقلها، حيث وضعت الوزارة آليات أكثر نجاعة وفعالية، أهمها توفير درج فردي لكل تلميذ لحفظ كتبه وأدواته داخل المدرسة مزوّد بمفتاح خاص من أجل تخفيف وزن المحفظة، الذي أثار ويثير قلق السلطات العليا للبلاد والأولياء في نفس الوقت.
ومن الحلول المقترحة أيضا لحل هذا المشكل، الألواح الرقمية من أجل مدرسة ذكية من بين ما يميز الدخول المدرسي القادم المستجدات التحسينية التي سيشهدها قطاع التربية الوطنية، والتي تدخل في إطار تجسيد التزامات رئيس الجمهورية، والمسجلة في برنامج عمل الحكومة، ومنها على الخصوص توسيع استعمال اللوحة الرقمية في المدارس الابتدائية كإجراء من بين إجراءات أخرى لتخفيف ثقل المحفظة المدرسية.
وجاء في المنشور الإطار للدخول المدرسي 2022-2023 بخصوص هذه الخطوة «باشرت وزارة التربية الوطنية في عملية استعمال اللوحة الإلكترونية التي تحتوي الكتاب المدرسي الرقم يعوض الورقي في 8 مدارس ابتدائية في إطار التعميم التدريجي للمشروع، حيث سيتم تزويد معتبر من المدارس الإلكترونية ولواحقها لوضعها تحت تصرف التلاميذ قبل بداية الدخول المدرسي القادم»، وأكّد وزير التربية في وقت سابق أن الكتاب الرقمي سيكون مجانيا.
بيع الكتاب المدرسي
يعتبر الكتابي المدرسي أحد الدعائم القاعدية في العملية التعليمية، لذلك يتجدّد كل سنة بالتزامن مع الدخول المدرسي مشكلة توفره على مستوى المؤسسات التعليمية أو المكتبات الخاصة لبيعه، ولعل ما عرفه الأولياء في السنة الماضية من ندرة في نقاط بيعها جعل الوزارة هذه السنة تؤكّد أنّ المؤسسة التعليمية هي الفضاء والمكان الطبيعي لبيعها، لذلك أوصت مديري التربية بإعلام التلاميذ وأوليائهم بفترة بيعها بالمؤسسات التعليمية التي تنطلق من نهاية شهر جوان، وتنتهي نهاية شهر أكتوبر 2022، مع السهر على توفير حصص الكتب المدرسية في كل مؤسسة تعليمية حسب احتياجاتها الحقيقية، وكذا ضبط قائمة مؤطري بيع الكتب المدرسية على مستوى كل مؤسسة تعليمية.
آليات جديدة للتخفيف من ثقل المحفظة المدرسية
فيما أكّد وزير التربية للصحافة الوطنية، أنّ «أفضل مكان لبيع الكتاب المدرسي هو المؤسسة التربوية، وفي المقابل سنعتمد على المكتبات الخاصة من أجل تخفيف الضغط على المؤسّسات»، مفنّدا بذلك إشاعة توقف المؤسسات التعليمية عن بيع الكتب المدرسية التي آثار قلق الأولياء، خاصة وأن بعض المكتبات الخاصة تضاعف ثمنها، ما يثقل كاهلهم بمصاريف إضافية غير مبرّرة.
وبأخذ البعد البيداغوجي والاجتماعي، نشرت الوزارة الوصية مدوّنة الأدوات المدرسية لأطوار التعليمية الثلاث، تمثّل الحد اللازم الذي يجب اعتماده من طرف الأساتذة من أجل عقلنة استغلال الأدوات المدرسية وترشيد اقتناء الأدوات المدرسية لتقليص تكلفتها، بالنظر إلى ما تعرفه القدرة الشرائية من تراجع ملحوظ، خاصة وأن أسعار الأدوات المدرسية عرفت ارتفاعا بنسبة تزيد على 150 بالمائة.
العمل التّضامني المدرسي
لا تخص التحضيرات فقط الشق البيداغوجي والتعليمي، فالجانب التضامني أيضا له أهميته الخاصة، حيث خصّصت الدولة منحة تمدرس خاصة بالتلاميذ، الذين ينتمون الى عائلات دخلها ضعيف، قدّرت بـ 5000 دج، وأوصت الوصاية على جمع ملفات التلاميذ المعنيين بالاستفادة منها، وتحويلها الى مصالح البلدية لإدراجها ضمن البطاقة الوطنية قبيل الدخول المدرسي، والسهر على دفعها لمستحقيها فور استلامها القائمة النهائية من اللجنة الولائية، مع التقيد بالآجال المحددة لهذه العملية.
إلى جانب الحرص على توفير الكتاب المدرسي المجاني لهذه الفئة من التلاميذ من خلال توزيعها عليهم، فيما تقوم بعض المؤسسات التعليمية بجمع الكتب المدرسية المستعملة، وتوزيعها على مستحقيها من أجل منع تأخرهم في التحصيل المعرفي والبيداغوجي على مستوى المؤسسات التربوية، ولخلق روح التضامن بين التلاميذ من أجل تنشئة جيل متلاحم ومتضامن.