هل يمكن أن تتحوّل «الثقافة» إلى قطاع منتج للثروة؟!.. هذا سؤال، نعتقد أنّه حيوي بالنسبة للواقع الثقافي عندنا، خاصة وأنه قطاع يطمح إلى تحويل «الكتاب» و»السينما» و»المسرح»، وغيرها من النشاطات الثقافية، إلى صناعة فعلية وفاعلة، تمتلك أدواتها الخاصة في النشر الأفقي للأفكار من جهة، وتضمن ديمومتها من جهة أخرى.
ولقد سجّلنا سابقا، اعترافنا لوزارة الثقافة بأنّها قدّمت ما من شأنه أن يمنح الساحة الثقافية الأدوات التي تكفل لها تحقيق مطمحها إلى إنتاج الثروة، فـ»المهرجانات» لا تقاس بمقدار ما يصرف عليها، وإنما يعتدّ بها بقدر الأفكار التي تتأسس عليها، وهو ما يعني تلقائيا البحث عن الأعمال الجادّة التي تمثّل إضافات إلى المشهد الثقافي، وتسمح بتجاوز ما هو «مناسباتي» و»واجهاتي» من النشاطات التي هيمنت على القطاع، وأفرغته من محتوياته، وظلّت تتكرّر حتى حوّلت الفعل الثقافي إلى (كائن غريب) لا يكاد يقنع سوى المشرفين عليه، وصارت الندوات الدراسية، والأمسيات الأدبية والشّعرية، مجرّد (واجهات)، لا تمتلك أدنى أسباب الانتشار.
ونعترف أن مطمح الوزارة، وهو مطمح جميع المثقفين، يمكن أن يتحقّق، ولكنّه صعب نوعا ما؛ ذلك لأن الواقع المعيش يضع أمامه كثيرا من العقبات، تراكمت خلال سنوات طويلة، ورسّخت سلوكا عجيبا، غير مبال بما يمكن أن تضيف إليه ساحة الثقافة، وهذا – على كل حال – ليس قضاء وقدرا، وإنما هو نتيجة طبيعية لمتتالية من النشاطات الوهمية كسرت أفق التلقي، وأقنعت الغالبية بعدم الجدوى..
نعتقد أن الخطوة الأولى تكون من إعادة النظر في طبيعة النشاطات، ومنشطيها، والمشرفين عليها، والحرص على إعادة الاعتبار لمعنى «مثقف»، ثم إقامة النشاط وفق مقتضيات «الحاجة الاجتماعية»، وليس بما يوافق مثقف البرج العاجي..