بات الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، أمام حتمية مراجعة نصوصه التنظيمية، خاصة ما تعلق بصلاحيات الرئيس، حتى لا يحيد عن رسالة المنظمة بفرض توجهاته الذاتية على قضايا المسلمين، مثلما كان الحال مع رئيسه الحالي المغربي أحمد الريسوني، الذي استباح دماء المسلمين بطريقة رعناء.
اكتفاء الاتحاد العالمي، ببيان واحد تبرأ فيه بطريقة هادئة من تصريحات إعلامية للريسوني دعا فيها إلى الزحف على موريتانيا وجزء من الأراضي الجزائرية، لا يعني أنه يمنح الحصانة لهذا الشخص الذي يرتدي عمامة عالم، وخلف الصمت الإعلامي للمنظمة، بطريقة مفتعلة تحيل إلى واجبات التهدئة وضبط النفس، تتخمر الكثير من المراجعات التي ستطرح على الانتخابات المقررة سنة 2023.
ومعروف أن داخل مجلس الأمناء الخاص بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، علماء من دول عربية، لا يشاطرون الريسوني موقفه من التطبيع مع الكيان الصهيوني وعلى رأسهم الشيخ محمد الحسن ولد ددو من موريتانيا، ما يجعل تنحي الريسوني عن رئاسة الهيئة مسألة حتمية حتى وإن أراد هو استباقها بالزعم أنه لا يريد الترشح لعهدة جديدة.
ويعني تجميد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لنشاطها داخل الاتحاد، أن أمرا جللا حدث، وأن ما صدر عن الريسوني خطيئة كبرى بوزرين؛ وزر اتخاذ الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين لخدمة أفكار ذاتية رجعية، ووزر دعم الأطروحة التوسعية لنظام المخزن، مع كل ما يمثل ذلك من عدوان وتهديد لاستقرار وأمن المنطقة.
وفي السياق، أكد رئيس جمعية العلماء الجزائريين، عبد الرزاق قسوم، أن تصريح الريسوني الذي يستبيح فيه دماء المسلمين، يفرض «إحالته على لجنة الانضباط من قبل الاتحاد».
وقال للإذاعة الدولية، أمس، «الاتصالات جارية مع العلماء المسلمين الأعضاء في مجلس الأمناء للإتحاد والقياديين فيه ومنهم علي الصلابي من ليبيا والشيخ النجار من تونس والشيخ ددو من موريتانيا وعصام البشير من السودان، لهم شأن علمي ووزن في مجلس الأمناء لدعم موقف العلماء الجزائريين في الإتحاد بغرض السمو بالاتحاد العالمي للعلماء للمسلمين والنأي به عن التوجهات الذاتية المنافية لمبادئ الإسلام».
وأعلن، أن «الاتصالات جارية داخل الإتحاد من أجل إعادة صياغة القوانين التنظيمية الخاصة بالاتحاد لتحصينه من مثل هذه السقطات والاستغلال السياسي».
واشترط قسوم عودة العلماء الجزائريين إلى الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين، «إعلان الريسوني توبته إلى الله، لأنه استباح دماء المسلمين وتقديمه اعتذارا دقيقا وعميقا يتضمن عبارات طلب العفو من الشعب الجزائري».
خرجة المغربي الريسوني، دفعت بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، مرة إلى الواجهة، وتحمل مسؤولية تاريخية في جزء واسع من العالم العربي، إذ يتحفظ كثيرون عن مواقف ودور رئيسه السابق حيال الأحداث التي عرفها المشرق العربي منذ سنة 2011، وهذه المرة أيضا يجنح رئيسه الحالي عن رسالة الإسلام والمسلمين في المغرب العربي، ومن بلد فتح جميع أبوابه للكيان الصهيوني.
ومهما حاول العلماء المسلمون، التنصل من تصريحات الريسوني، إلا أن تواجده في مقعد رئاسة هيئة مرموقة عند إفتائه بسفك دماء المسلمين، تلزم الاتحاد بالمسؤولية عن أي انزلاق محتمل، في منطقة لم يترك فيها نظام المخزن المحتمي بالصهاينة أي مجال للحوار والأخوة.
في المقابل، تؤكد السقطة المشينة لرجل الدين هذا، انخراط النخب المتدينة المغربية في كل المشاريع التي تغذي العداء ضد الجزائر. فاتفاق التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وقعه رئيس الحكومة السابق العثماني المنحدر من حزب إسلاموي، وهذه المرة يعتدي أحد المصنّفين في مرتبة عالم الدين، لفظيا على سيادة بلدين، الجزائر وموريتانيا، بفتوى رجعية منحازة تذكي الفتنة بين المسلمين، بينما يلتزم الصمت حيال المعتدين الحقيقيين على المسلمين، بل ويزكي اتفاق تطبيع بلده مع أكبر نظام مجرم في العالم.