أثار عدد من رواد التواصل الاجتماعي مسألة تعريب الأسماء التي صار بعضهم يحرصون على نشرها، وكانت آخر الخرجات “الاتفاق” على اسم “الواجوه” ليكون بديلا لفايسبوك، و”المغراد” تعويضا لـ”تويتر”، ما جعلنا نستحضر حكاية “الساندويتش” الذي اقترح له واحد من المجامع اللغوية أن يكون “شاطرا ومشطورا وكامخا بينهما”!!
ولسنا ندري لماذا لا تنشغل المجامع اللغوية العربية بوظيفتها الطبيعية في التأصيل للمفاهيم العلمية، ومحاولة اللّحاق بركب العلوم، عوضا عن ترجمة أسماء أشياء لم يكن لنا أيّ إسهام في اختراعها ولا في صناعتها، ولا حتى مجرّد التفكير فيها، حتى إذا جاءتنا جاهزة، ألقينا وراء ظهورنا جميع وظائفها، وما يمكن أن تحدث من تأثيرات على الوسط الاجتماعي والثقافي، كي ننشغل بتسمية عربية نطلقها عليها..
ولا نرى سلوك مجامعنا اللّغوية معبّرا إلا عن علاقة متوترة بـ “اللّغة”، لا تسمح بإضافة ما يهمّ الأمة، عكس أولئك الذين يصنعون واقعنا اليوم، وهم الذين لم يروا عيبا في اعتماد كلمات عربية في لغاتهم دون أي إحساس بالنّقص، فعلم الـ(Grammaire) اسمه مستخلص من “الآجرومية”، و(Algèbe) يكاد يقول إنّه “الجبر” وأسماء أخرى كثيرة، وكذلك كانت الحال عندنا أيام كنّا نصنع حياة العالم من حولنا، فنجد ابن سينا والفارابي يقترضان “طراغوذيا” و”قوميذا” دون أي إحساس بالنّقص، فالاقتراض بين اللّغات طبيعي جدا، وهو ليس تعبيرا عن علوّ لغة مقارنة بأخرى، وإنّما هو العنوان السّامي لرغبة حقيقية في نقل المعارف..
ونعتقد أننا يجب أن نضع نقطة النهاية لهذا التّشنج الذي يطبع علاقتنا باللّغات، ونحرص على تحصيل المعرفة إنسانية وطبيعية وتقنية، فـ”المعرفة” وحدها السبيل إلى المعالي، وما دونها، مجرّد كلام..