تسابق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الزمن من أجل إنجاح الدخول الجامعي المقبل، إذ أسدى المسؤول الأول عن القطاع تعليمات دقيقة لمديري الجامعات والخدمات الجامعية من أجل موسم جامعي موفق، بعد سنتين من انتشار فيروس كورونا وما ترتب عنه من إجراءات استثنائية بالحرم الجامعي.
بعد موسمين جامعيين استثنائيين بسبب انتشار جائحة كورونا، والتطبيق الصارم للبروتوكول الصحي الذي فرضته اللجنة العلمية، لمنع تحول الفضاء البيداغوجي والإقامات الجامعية إلى بؤر لتفشي الفيروس، سيكون الدخول الجامعي المرتقب انطلاقه يوم 18 سبتمبر المقبل، مستقرا مقارنة بالسنتين الماضيتين، إذ دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الباقي بن زيان إلى تكاتف الجهود من أجل إنجاح الدخول الجامعي بيداغوجيا وخدماتيا باستقبال الطلبة والتكفل بهم خلال الموسم الجامعي 2022/ 2023.
نمط الدراسة مرهون بالوضع الوبائي
ستعتمد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وللموسم الجامعي الثالث على التوالي نظام التعليم الهجين، أي المزواجة بين التعليم الحضوري للمقاييس الأساسية والتعليم عن بعد للمقاييس الأفقية وهو النظام المعتمد خلال السنتين السابقتين بسبب أزمة كورونا.
وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أعلن في وقت سابق أن اعتماد نظام الدفعات والتفويج متروك للوضع الصحي، وسيتم الفصل في ذلك في الوقت المناسب.
جديد الشق البيداغوجي
وعن الهياكل البيداغوجية، أعلن الوزير عن استلام 37000 مقعد بيداغوجي، ما سيرفع قدرات الاستقبال البيداغوجي إلى مليون و448 ألف مقعد بيداغوجي عبر كامل الشبكة الجامعية.
كما سيتم استلام 13000 سرير من بين 26170 المتوقعة، ما يعادل 48% من التوقعات، ما سيرفع من قدرات الإيواء الإجمالية إلى 669000 سرير مع ترميم عدد من الإقامات التي تم غلقها السنة الماضية.
وأكد أيضا الوزير على وضع آلية جديدة لتوسيع آفاق تشغيلية لحاملي الدكتوراه إلى قطاعات النشاط المختلفة لأول مرة، تنفيذا للتعليمة الوزارية المشتركة رقم 1 وكذا مقرر المديرية العامة للوظيفة العمومية والذي يسمح لهذه الفئة من التوظيف في أعلى رتبة في الإدارات العمومية والمؤسسات.
حقيقة معادلة شهادتي الدكتوراه
أكدت مصادر «الشعب» من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن ما يروج بخصوص المعادلة بين شهادتي دكتوراه علوم ودكتوراه «أل.أم.دي» لا أساس له من الصحة، وأن الأمر يتعلق بإلغاء تسمية دكتوراه «أل.أم.دي» وتوحيد الشهادة لتصبح تحت مسمى «دكتوراه».
وأفاد ذات المصدر، أن المرسوم التنفيذي رقم 22-208 الخاص بتحديد نظام الدراسات والتكوين للحصول على شهادات التعليم العالي الصادر مؤخرا في الجريدة الرسمية والذي سيطبق بداية من الموسم الجامعي الوشيك، لا يتحدث عن معادلة الشهادتين «دكتوراه علوم» و»دكتوراه أل.أم.دي» وإنما سيتم توحيد اسم شهادة الدكتوراه والتي ستصبح تحت مسمى «شهادة دكتوراه» لا علوم ولا «أل.أم.دي»، وفق ما تضمنته المادة 61 من هذا المرسوم.
وتتوج المناقشة بالحصول على لقب «دكتور»، فيما يبقى العمل ساري المفعول بشهادة دكتوراه «علوم» للطلبة المسجلين قبل هذا المرسوم والتي ستزول بشكل آلي، وتصبح شهادة دكتوراه واحدة في نظام التعليم العالي، ويهدف هذا الإجراء إلى منح مرئية أكثر لنظام التعليم العالي الجزائري.
وأوضح ذات المصدر، أن المسجلين في دكتوراه علوم من قبل والذين سيناقشون قريبا، سيتحصلون على شهادة دكتوراه علوم، مثلما كان معمولا به سابقا، وفقا للأحكام الانتقالية المبينة في المادة 67 من المرسوم التنفيذي الجديد، والتي تفيد بأنه تسلم شهادة دكتوراه علوم للمسجلين بانتظام في التكوين ما بعد التدرج في إطار أحكام المرسوم التنفيذي رقم 98-254 الصادر سنة 1998.
وسيخضع التسجيل في الدكتوراه مستقبلا للمرسوم التنفيذي الجديد، أي أن المتأخرين في الحصول على شهادة ماجستير سيسجلون في الدكتوراه وفقا للنظام الجديد دون اجتياز المسابقة وهذا للحائزين على تقدير حسن جدا.
فيما يخضع الالتحاق لمسابقة بالنسبة للحائزين على شهادة ماستر أو شهادة أجنبية معادلة لها ويستثنى من ذلك الطلبة الأجانب في إطار اتفاقية التعاون، بالإضافة إلى الحائزين على شهادة مهندس دولة ومهندس معماري أو شهادة طبيب بيطري والشهادات المتوجة لمسار التكوين المحدد مدته بخمس سنوات الذي تضمنه المدارس العليا للأساتذة، إذ يمكنهم اجتياز مسابقة الدكتوراه دون المرور على شهادة ماستر.
الجدير بالذكر، أنه تم تداول معلومات عقب عقد الندوة الوطنية للجامعات تخص معادلة شهادة دكتوراه علوم مع دكتوراه أل.آم.دي، في حين أن ذلك يتعلق بتوحيد الشهادة فيما ستخضع شهادة دكتوراه علوم للأحكام الانتقالية إلى غاية زوالها نهائيا.
لا توظيف مباشرا للمتأخرين في مناقشة الدكتوراه
أكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن الطلبة الذين ناقشوا أطروحاتهم خارج الآجال المحددة لا يستفيدون من التوظيف المباشر. وفسرت ذلك بأن «المناصب المالية تكون سنوية، ولا يمكن تجميدها لغرض فتحها خلال السنة المالية الموالية، بالإضافة إلى أن كل منصب مالي غير مسجل في الآجال القانونية يحذف مباشرة وبصفة آلية».
وجاء في تعليمة بعثت بها إلى رؤساء الندوات الجهوية ومديري المؤسسات الجامعية، عنوانها «بخصوص طلبة الدكتوراه غير الأجراء الممنوحين»، اطلعت عليها «الشعب»، ردا على طلب رفعه مجموعة من طلبة الدكتوراه غير الأجراء المستفيدين من برنامج التكوين الإقامي بالخارج، لاسيما البرنامج الوطني الاستثنائي وبرنامج التعاون الجزائري- الفرنسي، الذين لم يناقشوا أطروحاتهم في الآجال المحددة، والذين يطالبون بالتوظيف المباشر، أنه «لا يحق لهم ذلك».
وأشارت الوزارة في نص المراسلة، أن «الاستفادة من برامج التكوين الإقامي في الخارج، تخضع للتوقيع على عقد التكوين، ومن خلاله يلتزم المستفيد بتحقيق النتائج، ومناقشة أطروحته في الآجال المحددة بعشرة أشهر كأقصى حد».
وبحسب المراسلة كذلك، فإن توظيف المعنيين بهذه البرامج خلال السنة المالية الموافقة لمناقشتهم لأطروحة الدكتوراه، وأن «فتح المناصب المالية سنويا يتم وفق قائمة إسمية محددة خاصة بالمعنيين المستفيدين من هذه البرامج»، ونبهت المراسلة إلى أن الترخيص بتمديد آجال مناقشة الدكتوراه لصالح الممنوحين بسندات الاقتطاع لا يعني التوظيف المباشر.
الخدمات.. على طاولة الوصاية
تتواصل التحضيرات الخاصة بالدخول الجامعي في شقها الخدماتي من خلال نشاطات مديريات الخدمات الجامعية، التي عكفت في الآونة الأخيرة على الوقوف على وضعية الأحياء الجامعية من أجل تفادي النقائص المسجلة سابقا من ناحية الإطعام وتذبذب النقل ومشكلة الإيواء.
كما أعدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي برنامجا وطنيا خاصا بـ50 ألف سرير وتستعد لفتح إقامات جامعية جديدة بالقطب الجامعي بسيدي عبد الله، وفتح إقامة أخرى بأولاد فايت بالعاصمة، تم غلقها لفترة معينة ليعاد استغلالها من جديد عقب ترميمها.
وتعكف المديرية العامة للخدمات الجامعية بترميم 6 إقامات جامعية، بغلاف مالي يقدر بـ35 مليار سنتيم، تتواجد جميعها بالعاصمة، إضافة إلى تجهيز وفتح 22 مطعما مركزيا عبر مختلف المديريات الولائية.
وفي مجال تأمين الإقامات الجامعية، سيتم الشروع في تنفيذ مخطط لتأمين الإقامات الجامعية وهذا من خلال تركيب كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار جديدة، مع وضع نظام داخلي لتسيير الأحياء الجامعية بهدف منع تسلل الغرباء إليها.
تسجيلات الإيواء والنقل عبر منصة رقمية انطلقت التسجيلات المخصصة لطلب الخدمات الجامعية من إيواء ومنحة ونقل للطلبة الجدد، الحاصلين على شهادة البكالوريا 2022، عبرالأرضية الرقميةPROGRES على الرابط: https://progres.mesrs.dz/.webonou
وستستمر عملية التسجيل إلى غاية 26 أوت 2022 وتعتبر هذه العملية إجبارية وشرطا أساسيا للاستفادة من الخدمات الجامعية.
وأشار الديوان الوطني للخدمات، أن عدم التسجيل في هذا الموقع ينجم عنه فقدان الطالب حقه في الاستفادة من الخدمات الجامعية.
مطالب بشأن قيمة المنحة
أخذ الحديث عن المنحة الجامعية التي يتحصل عليها الطالب الجزائري كل ثلاثة أشهر والتي لا تزيد على 4000 دينار، حصة الأسد في الأوساط الجامعية، بل تحوّلت إلى ملف، وفي مقدمة المطالب التي ترفعها التنظيمات الطلابية في كل مرة، بعدما أضحت تشكل حجر عثرة أمام الطالب.
أكدت شريحة من الطلبة في حديثهم مع «الشعب»، أن المنحة التي يتحصل عليها الطالب حق بيداغوجي، رافضين تصنيفها في خانة «المساعدة الاجتماعية» تمنح للطالب للعيش بها، على خلفية أنها لا تضمن حتى ثلث احتياجات الطالب الجامعي. واقترحت هذه الشريحة إلغاء شهادة عدم الخضوع للضريبة الخاصة بالأبوين ورفع قيمة المنحة، مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
إمكانية تفعيل نظام الدفعات مجددا
في هذا الخصوص، أفاد بويعقوب نورالدين، أن الوصاية ستتجه إلى تفعيل نظام التفويج مرة أخرى، عن طريق المزاوجة بين التعليم الحضوري للمقاييس الأساسية والتعليم عن بعد للمقاييس الأفقية وهو النظام المعتمد خلال السنتين السابقتين.
ولفت محدثنا، أن وزارة التعليم العالي نوهت إلى أن الأخذ بهذا النظام، مرهون ومتروك للوضع الصحي وسيتم الفصل في هذا الشأن في الوقت المناسب. ورجح بويعقوب أن تتجه الوزارة الوصية إلى العمل به، من أجل التخفيف من الاكتظاظ في المقاعد البيداغوجية وكذا في الإقامات الجامعية، خاصة من ناحية الإيواء والنقل، مشيراً أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كسبت الرهان في ما يخص التعليم الهجين الذي نجح نسبيا في إنقاذ الجامعة من شبح السنة البيضاء، بالرغم من كل الإشكالات التي اكتنفت التعليم عن بعد والتي جعلت الوزارة الوصية تلجأ إلى تقييمه لتدارك النقائص المسجلة.
من جهة أخرى، أكد نورالدين بويعقوب أنه تم اعتماد يوم السبت رسمياً لمزاولة الدراسة في الجامعات، مع الاكتفاء بيوم عطلة واحد أسبوعيا (الجمعة)، وتمديد الدراسة الى غاية السادسة مساء في بعض الجامعات التي تشهد اكتظاظاً، مبرزاً أن القرار لا يشمل الشق الإداري بالجامعات الذي يبقى العمل فيه من الأحد إلى الخميس، مثلما كان معمولا به سابقا.
تعزيز الرقمنة.. خيار استراتيجي
وعن جديد الدخول الجامعي، كشف عضو المكتب الوطني التنفيذي لرابطة الطلبة نورالدين بويعقوب، التي يرأسها مولاي أبوبكر، في اتصال هاتفي مع «الشعب» أن الموسم الجامعي المقبل 2022-2023، سيشهد تعزيز مسار الرقمنة بالجامعات والمعاهد وذلك من خلال مضاعفة تدفق الأنترنت عبر المؤسسات الجامعية والبحثية بعشر مرات اعتبارا من جانفي المقبل.
وأضاف المتحدث، أن «الرقمنة خيار استراتيجي وأن الجامعة الجزائرية تتجه نحو كسب رهان هذا الخيار وجعله أداة للتسيير والتقييم وتحقيق نجاعة الأداء على مستواها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن تعزيز الحوكمة «يتطلب توسيع الرقمنة في مختلف مجالات النشاط البيداغوجي والتنظيمي بالجامعة»، مذكرا بالنظام المعلوماتي المدمج «بروغرس» والمنصات الرقمية التي تم تنصيبها لتعزيز الحوكمة في التسيير البيداغوجي والبحثي والموارد البشرية والحياة الطلابية والخدمات الجامعية.
وبحسب ما ذكره المتحدث، سيتم، بحلول السنة الجامعية المقبلة، التوجه نحو تدعيم التكوين في الفلاحة الصحراوية، مع فتح مدرستين وطنيتين بكل من الوادي وأدرار ومدرسة عليا لتكوين أساتذة تدريس الصم البكم، مع إدماج واستحداث مدارس عليا لتدعيم العلوم التكنولوجية والرياضيات والذكاء الاصطناعي، بحسب ما ورد في العرض الذي قدّمه الوزير في الندوة الأخيرة المنعقدة بولاية عنابة.
قوانين تنظيمية جديدة لموسم جامعي استثنائي
وأكد المستشار في الإعلام والاتصال بجامعة البليدة، الأستاذ عبد الرحمان بوثلجة، أن الدخول الجامعي القادم سيكون استثنائيا لعدة اعتبارات، أهمها القوانين التنظيمية الجديدة التي تم إصدارها مؤخرا لتنظيم التكوين في التدرج وفي الدكتوراه، إضافة إلى أنه يأتي بعد فترة وباء كورونا والانحسار التدريجي لمعدلات الإصابة مقارنة بالسنتين الماضيتين.
استناداً للأستاذ، يرتقب أن تكون السنوات الجامعية المقبلة، حاسمة في معرفة مدى نجاعة تطبيق الإصلاحات التي تم اعتمادها، والتي تهدف في مجملها إلى جعل الجامعات ومراكز البحث مؤسسات منتجة ومفيدة تشارك في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، خاصة أن بلادنا تريد تطوير الاقتصاد المبني على المعرفة والذي يعتمد أساسا على نتائج التكوين والبحث التطبيقي.
وإذا كانت وزارة التعليم العالي والبحث العلميـ يقول بوثلجة ـ نجحت إلى حد مُرضٍ في تسيير السنتين الجامعيتين الماضيتين في ظل الأزمة الصحية الناتجة عن وباء كورونا، فإن التحدي الأكبر في الموسم الجامعي المقبل، التطبيق الفعلي للإصلاحات، خاصة ما تعلق بجعل التكوين الجامعي والبحث في خدمة الاقتصاد والمجتمع وإعادة النظر في التوجيه إلى التخصصات الجامعية من خلال إعطاء أهمية أكبر لتخصصات العلوم الدقيقة والتكنولوجية وهي أساس كل اختراع وإبداع علمي وتكنولوجي يمكن أن يؤدي إلى إنشاء مؤسسات منتجة قادرة على صناعة الثروة وتحقيق أرباح تعوض النفقات التي تقتطع من الخزينة العمومية لصالح الجامعات ومراكز البحث وتكلف أموالا طائلة.
فدور الجامعة الحقيقي ليس احتواء العدد الكبير من الطلبة ومنح الشهادات بمختلف مستوياتها، بل العبرة في ما تقدمة بشكل ملموس وواضح للعيان للاقتصاد والمجتمع.
ووفق بوثلجة، سيشهد الموسم الجامعي المقبل إعادة تنظيم التكوين في الطورين الأول والثاني وذلك بإعادة التكوين للحصول على شهادة مهندس في تخصصات علمية وتقنية مطلوبة، بعد دراسة مدتها خمس سنوات، ومعادلتها بشهادة ماستر، واستكمال المرحلة الانتقالية التي نتجت عن التخلي عن النظام الكلاسيكي واعتماد نظام «ال.ام.دي» وإدماج حاملي شهادة الماجستير- نظام كلاسيكي، في دكتوراه «ال.ام.دي» بطريقتين مختلفتين، سواء الإدماج المباشر أو من خلال المسابقة ويعتمد هذا على المسار البيداغوجي للطالب قبل وأثناء مناقشة مذكرته.