يبذل كثير من المثقفين الجزائريين جهدهم في ترسيخ فضيلة «الاعتراف»، من خلال نشاطات أدبية وشعرية ومسابقات تخصص لأحسن الأعمال الفنيّة في التّنويه بمن يقومون بأعمال صالحة جليلة، ومن يقدّمون من ذواتهم ما يضيف إلى القيم الاجتماعية ويمنحها مكانتها اللائقة في قلوب الناس.
ولقد أسعدنا كثيرا أن نطالع إعلانا عن مسابقة شعرية، خصّصها الكاتب رابح خدوسي، باسم «دار الحضارة»، كي تسلّم إلى أحسن قصيدة في البطلة دنيا بوحلاسة، القائدة الكشفية التي افتدت بروحها كشفيين صغارا حاصرتهم النيران بحديقة الطارف، كي تلتحق بعد أداء واجبها بالرفيق الأعلى، شهيدة، إن شاء الله..
إنّه لموقف عظيم، توشّحه معاني السّمو الإنساني.. موقفُ الشهيدة دنيا وهي تدافع الصعاب، وتكافح ألسنة اللّهبكي تنقذ الأطفال من وهج النيران.. إنّه موقف يحدّث عن روح الفداء التي يتحلّى بها الجزائري، ويستدعي إلى الذاكرة مواقف الملايين ممن تصدّوا للهمجية الكولونيالية بصدور عارية، لا يرغبون سوى في إنقاذ بلدهم من براثن الاستعمار، وليست الشهيدة «دنيا بوحلاسة» غير بنت أولئك الكبار الذين برهنوا للعالم أن «الإنسان» أغلى من الدّنيا وما فيها..
وما هو دور المثقف إن لم يكن «فداء» مجتمعه مما قد يتسلّل إليه من الآفات، وتذكيره بماضيه المجيد كي يصوغ على هداه مستقبله المشرق؟!.. ما هو دور المثقف إن لم يكن الحرص على ترسيخ الفضيلة؟! ما هو دور المثقف إن لم يكن يعيش مجتمعه، ويعيش لمجتمعه؟!
ومهما تكن قيمة جائزة «دار الحضارة» المادية، فإن قيمتها المعنوية أعلى من كلّ جائزة ممكنة، لأن جائزة «دنيا بوحلاسة» عنوانها «الفداء الجزائريّ».. والجزائريّ لا يحول ولا يزول..