يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، زيارة إلى الجزائر، على رأس وفد يضم وزراء وشخصيات من تخصصات الثقافة، الاقتصاد والتاريخ.
زيارة يعتقد أن ستسهم في إعادة رسم العلاقات الثنائية وفق محددات ترى الجزائر أنها ضرورية لبلوغ مستوى جديد من الشراكة البراغماتية.
يحل ماكرون بالجزائر، للمرة الثانية بعد زيارة 2017 التي استغرقت 12 ساعة، بينما تدوم هذه المرة 3 أيام وتحديدا إلى غاية السبت المقبل، وفق الأجندة المعلنة.
وتحيل السياقات العامة والظروف المحيطة بهذه الزيارة ـ وفق مختصين ـ إلى الاعتقاد بأن ملفات عديدة ستطرح للنقاش بين الطرفين الجزائري والفرنسي. لكن المؤكد أن الانتقاء سيقع على أكثر الملفات أهمية للبلدين ليتم حصرها في جدول الأعمال.
وتتصدر مسألة الذاكرة المرتبطة بالماضي الاستعماري ـ بحسب مختصين ـ والتعاون الاقتصادي وتنقل الأشخاص المباحثات الثنائية، باعتبارها القضايا المحددة لطبيعة العلاقات.
وتأتي الأوضاع الإقليمية في الساحل الإفريقي وليبيا على رأس الملفات الدولية ذات الاهتمام المشترك.
ويجزم مراقبون، أن وصول الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، يتزامن مع صعوبات داخلية تمر بها بلاده، خاصة الاقتصادية منها، على ضوء ارتفاع قياسي للديْن الداخلي، وارتفاع التضخم والمخاوف المرتبطة بشتاء قاس بسبب تدني إمدادات الغاز الروسي.
على الطرف الآخر، تحتفظ الجزائر بأريحية هندسة خيارات سياستها الخارجية التي طبعت تحركاتها منذ سنتين ـ بحسب مراقبين ـ وخلال أشهر الجفاء التي ميزت العلاقات الجزائرية- الفرنسية السنة الماضية، نفذت الجزائر عمليات نوعية وسريعة جدا على صعيد تنويع الشراكة الإستراتيجية مع عديد الدول، كبلدان الخليج العربي، تركيا، إيطاليا ودول أخرى إفريقية كنيجيريا وإثيوبيا.
وأمام هذه المعطيات المستجدة والتحولات العميقة التي تميز العلاقات الدولية، تبدي الجزائر وفرنسا، إرادة مشتركة في إعادة بعث العلاقات الثنائية على أسس الاحترام المتبادل للسيادة والمصالح المشتركة.
ووضع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الأطر الرئيسية لبناء شراكة جديدة مع فرنسا، في رسالة تهنئته للرئيس ماكرون على إعادة انتخابه لعهدة ثانية.
وقال الرئيس تبون: “إن الرؤية المجددة المنطلقة من احترام السيادة وتوازن المصالح التي نتقاسمها فيما يتعلق بالذاكرة وبالعلاقات الإنسانية، والمشاورات السياسية والاستشراف الاستراتيجي والتعاون الاقتصادي والتفاعلات في كافة مستويات العمل المشترك، من شأنها أن تفتح لبلدينا آفاقا واسعة من الصداقة والتعايش المتناغم في إطار المنافع المتبادلة”.
من جانبه، أبدى الرئيس الفرنسي التزامه بالعمل على بلورة رؤية جديدة للعلاقات “تقوم على أساس الثقة والاحترام المتبادل لسيادة البلدين”، مثلما جاء في برقية تهنئة بعث بها لرئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية.
ومع استعادة الدبلوماسية الجزائرية مقومات التأثير والحزم، تحتكم مخرجات الزيارة إلى القدرة على صياغة تفاهمات جادة حيال الملفات المطروحة في إطار المحددات الجديدة وعلى رأسها المصلحة المشتركة رابح-رابح.