لا نرى سببا وجيها لكلّ ما يثار حول إدراج اللغة الإنجليزية في الطور التعليمي الأول. ولا نرى شيئا يدعو إلى التّخوف منها، والتساؤل عن إمكانية نجاحها أو إخفاقها، فـ»الإنجليزية» ليست (بعبعا) لتخيف الدارسين، وهي ليست غريبة عن الجزائريين الذين درسوها منذ الاستقلال، ونبغ منهم من يؤلف بها، ويترجم عنها، ويدرّسها، وهي، في الأخير، لغة كمثل اللّغات، ولعلها تفضلها بالانتشار الواسع مع الحضارة المهيمنة، مثلما تفضلها بحمولتيها المعرفية والثقافيّة معا.
ولقد قدّر بعضهم أنّ إدراج لغة (جديدة!!) يمكن أن يؤثر على المتلقّي، ويضاعف من الأعباء التي يتحمّلها. غير أن هؤلاء لا يدركون أن قدرة الطفل على الاستيعاب، أكبر من قدرة البالغين المتمرسين، فالطفل يمكنه أن يتآلف بسرعة مع جميع المتغيّرات، وهو يتمتع بـ»حافظة» يغبطه لأجلها البالغون، ثم إن «التعليم في الصّغر، كالنقش على الحجر»، ويكفي أن يكون المنهاج مرتّبا ترتيبا منطقيا، حتى يؤدي وظيفته ويحقق غايته..
وهناك بعض (الفاهمين!!) ممّن يقرأون بين السّطور، وأوحت لهم قراءاتهم أحاديث عن «منافسة» مفترضة بين اللّغتين «الفرنسية» و»الإنجليزية»، وكأنّ المدرسة ستتحوّل إلى مضمار سباق، يعوّض وظيفتها التربوية، والحق أنّنا لم نر تخريجة عجائبية كمثل هاته؛ ذلك أن المدارس في جميع أنحاء العالم، تدرّس اللغات ولم نسمع حديث التنافس بين المعارف؛ والأصل في المجتمعات أنّها تحتاج «الأدبي» بقدر حاجتها إلى «العلمي» و»التقني»، وتحتاج إلى إعداد نخب في جميع التّخصصات، لا فرق بين هذا وذاك، فلماذا يكون إدراج الإنجليزية عندنا، تعبيرا عن تنافس مفترض مع الفرنسية؟! وهل يستقيم الحديث عن «التنافس» أمام الحاجة إلى المعرفة؟!..
واضح أن كلّ شيء يكون طبيعيا، إلى أن يقع بين أيدي (الكلامولوجيين).. هذا كل ما في الأمر..