لا نبالغ إذا قلنا إن أهمّ روافد الفعل الثقافي، هي «التقاليد» الثقافية التي نرسّخ لها في الأوساط الاجتماعية، ويبدو أن تقاليدنا – لحد السّاعة – تتوقف عند حدود احتفاليات معدودة، كثيرا ما نتخلى عنها حين لا تستجيب إلى حاجاتنا اليومية، أو حين لا تؤدي وظيفتها المرجوّة، بينما تبقى «التقاليد» الحقيقية، مجرد عناوين، لا تتجاوز الذّكر الحسن..
ولقد تعوّدنا على الحديث عن «دخول أدبيّ» مفترض، نحتفي به، ولكنه – صراحة – دخول وهمي لم يبلغ درجة «التّقليد» الرّاسخ، ولا تحوّل إلى حاجة اجتماعية، أي أنه لم يثبّت نفسه في المخيال العام، كمثل ما هي حاله في البلدان التي عرفت كيف تجعل العلوم الإنسانية برمّتها، والأدب بصفة خاصة، رافدا مهمّا بين روافد التنمية، فصارت مضطرة كي تعدّ لسوق الكتاب – على سبيل المثال – ما يحقق الحاجة الاجتماعية إلى القراءة، بينما لم يصدر بساحتنا إلى غاية اليوم، سوى رواية واحدة وحيدة، هي رواية «الفضلاء» التي حظيت بنشر مشترك بالجزائر وفرنسا، وهذا واقع لا يسمح لنا – بطبيعة الحال – بالحديث عن دخول أدبي مفترض، وإن كنا نتفاءل بإمكان تحقيقه.
على كلّ حال، لم يفتنا شيء، فالعمل الصّالح يؤتي ثمراته في كلّ حين، ويبدو أن الفاعلين الثقافيين عندنا يبذلون ما وسعهم كي يوفروا ظروف انتقال حقيقي نحو «الثقافة المنتجة»، رغما عن صعوبة المهمّة، فالمستحيل ليس جزائريا أبدا، ويمكن لنا أن نؤسس تقاليد حقيقية في حقل الثقافة، تثبت رسوخها في الواقع المعيش، وقد يكفينا – في خطوتنا الأولى – أن نحافظ على الدينامية التي تحققت لساحتنا في أثناء صيف هذا العام، شرط أن نوفر لها الأسباب كي تتواصل، وتفرض نفسها بما هي أحداث بارزة، وليس مجرد فلكلور واجهاتي..