انتشرت الدّراجات النّارية بطرقاتنا انتشارا مذهلا، فقد صار كثيرون يحبّذون التنقل بواسطتها، فهي ذات كفاءة عالية في تجنّب الازدحام، إضافة إلى أن مستعملها لا يحتاج إلى موقف، ولا يصطدم بـ»باركينغور»، ولا يستهلك كثيرا من الوقود، ما يعني أن «الدّراجة النارية» قدّمت ما يثبت جدارتها بالاستعمال، مقارنة بوسائل النقل الأخرى، وصارت المفضلة لقضاء المصالح بالمدن، لا تُجاريها سيارة ولا حافلة.
غير أن الملاحظ هو أن معظم مستعملي الدّراجات النارية، لا يفكّرون في أسباب الأمان ولا يعيرونها اهتماما، فمن النادر أن تلتقي من يستعمل الخوذة، تماما مثلما صار نادرا أن تلتقي من يلبس لباسا يليق بصهوة مركبته، مع أنها تسير على عجلتين فقط، وهي عرضة لجميع الأخطار، وأدهى من ذلك، أن أصحاب هذه الدّراجات لا يلقون بالا إلى إشارات المرور وعلامات المنع والتحذير، فيجوّزون لأنفسهم ما لا يجوز للآخرين، وهذا ما يضاعف الأخطار على الطريق، وقد يحدث كوارث لا قدّر الله.
فكرة التّنقل بالدّراجة النارية لها فوائدها الجمّة، ولكنها تصبح مضرّة للغاية، حين يتعمّد صاحب الدّراجة التّعدي على قانون المرور، فتراه يخترق اتجاها ممنوعا، أو يدور بالمقلوب على محور من أجل ربح نصف دقيقة هنا، وبعض الثواني هناك، بل لقد بلغ (الحمق) ببعضهم درجة صاروا معها لا يتورّعون عن إلقاء السباب والشتائم في وجه من يرفض تصرفاتهم الطائشة، أو من يلقي بالنصيحة التي لا يقصد منها سوى المصلحة العامة، فأصبحت الدراجة النارية بهذا، تمثّل إزعاجا يوميا في طرقاتنا التي لم تكتف بالمطبات والزّحمة، فأضافت «الدّراجين الناريين» ليكونوا هاجسا آخر يضاف إلى متاعب السائقين، ولله وفي خلقه شؤون..