ما تزال ستينية الاستقلال المباركة تلقي بهداياها الرّفيعة إلى الشعب الجزائري، وتضيف إلى التاريخ ما يؤكد ارتباط الأجيال الجديدة بآبائها من صنّاع الأمجاد، وهذا ما رأيناه عيانا على أرض الواقع في أثناء المباراة النهائية للبطولة العربية، حين سجّل الهدف الرائع في الدقيقة الأخيرة، بطريقة احترافية لم يتوقّع أحد أن يقدر عليها من هم دون السابعة عشرة..
كان هدفا بقوّة لا تصدّ ولا تردّ، صدّق آمال الأنصار الذين حافظوا على إيمانهم بالانتصار إلى آخر دقيقة من المباراة، فلم يكفّوا عن تشجيع الفريق، وظلوا ينتظرون الحسم إلى أن تحقّق، وفازت الجزائر بالبطولة العربية بجدارة واستحقاق.
هكذا يفعل أبناء الجزائر.. أي نعم.. هكذا يفعلون.. تماما مثلما قالها شاعر ثورتنا المظفرة، مفدي زكريا، فهم أحفاد أولئك الذين صنعوا التّاريخ وسطّروه بالنور والنار، وهم المستلهمون من فتوحات آبائهم الذين صمّموا أنلا يكون حظهم سوى الانتصار، فليس عجيبا إذن أن يعقدوا العزم على النّجاح فيما سعوا إليه، كي يضيفوا لقبا عزيزا إلى الألقاب الجزائرية السامية.. إنهم أبطال العرب القادمون الذين سيشرفون الجزائر والبلاد العربية في مختلف المحافل..
كان انتصارا كبيرا حقّقه أشبال الجزائر.. أشبالٌ في المنافسة، أسود في الميدان كما وصفهم الرئيس عبد المجيد تبون، ولقد برهنوا طوال مسار البطولة على أنهم أصحاب عزيمة لا تفتر، وقرار لا يهتزّ، دون أن تكون لهم رغبة تتجاوز تحقيق الأفضل لأمتهم، وهذه بالضبط أخلاق أولئك الذين واجهوا القوة الاستدمارية الأقسى في التاريخ، بصدور عارية، وتحمّلوا الصعاب وخاضوا المكاره من أجل أن تحيا الجزائر حرّة مستقلة..
مبروك يا أشبال الجزائر.. مبروك يا جزائر..