سئل الأديب الروائي، ياسمينة خضرا، عن نوع العلاقة التي تجمعه بالكاتب الفرنسي الجزائري المولد، ألبير كامو، والحقّ أن خضرا لا يفتأ يتلقى أسئلة مفخّخة، يقصد منها النّيل منه شخصيا تارة أو النيل من أطروحاته المختلفة التي أخمدت أصواتا معادية للجزائريين والمسلمين وجميع من تصدّوا للكولونيالية الغربية المقيتة، فالطّرح المنطقي المنسجم مع القيم الإنسانية، مزعج كما هي عادته، ويتضاعف إزعاجه حين يكون في عقر معسكر الحالمين بالفردوس المفقود، لأنّه يجدّد في ذاكرتهم بؤس ما يحلمون به..
وقد يكون واضحا أن صاحب السّؤال قصد إلى إحراج الرّوائي الجزائري بوضعه في الصورة مع ألبير كامو، فهذا معروف بأنّه «لو خيّر بين العدالة وأمّه، لاختار أمه»، وهي العبارة التي أطلقها ردّا على طالب جزائري سأله عن سبب صمته وامتناعه عن إدانة الاستعمار الفرنسي للجزائر، فكان كامو صريحا للغاية، وعبّر بأريحية عن تضامنه مع الإرهاب الاستعماري المسلّط على الجزائريين، على أساس أن مطلب الحريّة لا يدخل ضمن ما يدافع عنه حين يكون جزائريا، وهذا يعني أن صاحب السؤال وضع «الفخّ» بإحكام؛ ذلك إن تقبل خضرا كامو الفائز بنوبل، فإنه يكون قد تبنى طرحه بتحصيل حاصل، وإن رفضه وعبر عن موقف منه، يكون قد خرج من عالم الأدب، في عيون من يعتقدون أنهم صنّاع الفكر الإنساني، وهكذا يكون السؤال فخّا ينال من الغريم المبين، سواء كانت إجابته إيجابية أو سلبية..
ولقد فات (الذّكي) أنّ الأمر يختلف تماما حين يؤطّره الصدق والإيمان بالقيم الإنسانية النبيلة؛ لهذا بهت حين سمع خضرا وهو يردّ عليه بمنتهى الهدوء: «تجمعنا الجزائر، كلّ واحد منا يكتبها بطريقته».. والنبيه يدرك أن الطريقة المثلى ليست نبض قلوب الحالمين..