صادق مجلس الوزارء على بيان السياسة العامة للحكومة، اليوم الأحد، حيث أسدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، توجيهات بمراعاة استراتيجية الدولة، في النهوض بالاقتصاد الوطني، من خلال تعزيز قدراتها المالية، بتشجيع التصدير خارج المحروقات كموارد مالية جديدة، وترشيد النفقات الحكومية، فضلا عن التزام الدولة المستمر، بحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
تتضمن هذه الوثيقة (بيان سياسة الحكومة) معطيات تتعلق بتجسيد إجراءات وتدابير متخذة في مختلف القطاعات الوزارية، والحصيلة المرحلية لإنجازات الحكومة منذ المصادقة على مخطط عملها.
تخضع الحكومة في الجزائر لرقابة برلمانية قبلية من خلال حصولها على ثقة البرلمان قبل الشروع في عملها، ورقابة بعدية إلزامية نهاية كل سنة بتقديم بيان سياستها العامة، وهو وسيلة ابلاغ مهمة من الحكومة لأعضاء البرلمان، وإحاطتهم بما تم تطبيقه من مخطط عمل الحكومة.
ولهذا يعد بيان الحكومة أداة من أدوات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، في إطار العلاقات الوظيفية بينهما، وفرصة للاطلاع على مدى تنفيذ الحكومة وعودا قطعتها عند تشكيلها.
ويتضمن بيان الحكومة السنوی عرضا عن سیاستها العامة لمراقبة مدى تنفیذها لمخطط عمـلها، الذي حظیت بالموافقة علیه من البرلمان بغرفتيه.
ولم يتضمن دستورا 1963 و1976 هذه الآلية الرقابیة لطبیعة النظام السیاسي الجزائري آنذاك، القائم على وحدة السلطة وتركيزها في ید رئیس الجمهورية. ظهر مصطلح بيان السياسة العامة الحكومة أول مرة في دستور 1989، وتكرس في دستور 1996، وأبقى التعديل الدستوري لسنة 2016 عليه، مع اشتراط الزاميته بمقتضى المادة 98.
الزامية تقديم عرض بيان الحكومة في دستور 2016
نصت المادة 98 من دستور 1996 المعدل في 2016 أنه: “يجب على الحكومة أن تقدم سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة. تعقب بيان السياسة العامة مناقشة عمل الحكومة …”.
وفي السياق، دعمت المادة 51 في فقرتها الأولى من القانون العضوي رقم 16/12 المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما والعلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، وجوب عرض بيان الحكومة: “يجب على الحكومة أن تقدم كل سنة ابتداء من تاريخ المصادقة على مخطط عملها إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة طبقا لأحكام المادة 98 من الدستور”.
ويعقب العرض مناقشة من قبل النواب، يمكن أن تتوج بصدور لائحة، كما يمكن أن يترتب على هذه المناقشة اللجوء إلى ملتمس الرقابة للوزير الأول، أو أن يطلب من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثقة.
اللائحة التي قد يصدرها نواب المجلس تعبر عن موقفهم من سياسة الحكومة سواء بالمساندة أو المعارضة، دون ترتيب أي جزاء عليها.
بين اللائحة وملتمس الرقابة.. تصويت بالثقة
بموجب ملتمس الرقابة تقدم الحكومة استقالتها مباشرة لرئيس الجمهورية، لكن المشرع الجزائري أحاط هذا الاجراء بجملة من الشروط صعّبت اقتراحه من طرف المجلس، ضمانا للاستقرار الحكومي وتفاديا لهيمنة أعضاء المجلس الشعبي الوطني.
ويجوز للوزير الأول أن يطلب من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثقة، وفي حال عدم الموافقة على لائحة الثقة يقدم الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة استقالة الحكومة.
وفي هذه الحالة يمكن لرئيس الجمهورية أن يلجأ، قبل قبول الاستقالة، إلى أحكام المادة 151 من الدستور، ويمكن أيضا للوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة أن يقدم إلى مجلس الأمة بيانا عن السياسة العامة.
في السنوات الأخيرة، عزفت معظم الحكومات المتعاقبة على النزول إلى الغرفة السفلى للبرلمان، من أجل تقديم حصيلة نشاطاتها السنوية، والوقوف في موقف المساءلة أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني، رغم الزاميتها في دستور سنة 2016.
ومع إعادة تفعيل المادة 98 من دستور 1996 (المعدلة سنة 2016)، وتعديل الدستور سنة 2020، الذي ينص في الفقرة الثالثة من المادة 110 أنه “يعرض رئيس الحكومة، في كل الحالات، برنامج حكومته على مجلس الوزراء، ثم يقدمه للبرلمان حسب الشروط المنصوص عليها في المواد 106 (الفقرات الأولى و3 و4) و107 و108، نعود إلى استرجاع المسؤولية السياسة للحكومة أمام البرلمان تبعا لقاعدة “لا يمكن لحكومة أن تستلم السلطة أو أن تستمر في ممارستها إلا إذا حظيت بثقة النواب ومتى فقدتها فانها تضطر للاستقالة”.
.