تواصل الجزائر تعبيد طريق إقلاع اقتصادي يحقق التحول السلس من اقتصاد-ريع الى اقتصاد منتج ومتنوع، ورفع قيمة الصادرات خارج المحروقات.
قال الخبير الاقتصادي، إسحاق خرشي، إن استحداث وكالة وطنية لاسترجاع الممتلكات والأموال المُصادرة، خطوة مهمة نحو استرجاع عدد أكبر من الأموال المنهوبة ما سيسمح بتحصيل مداخيل إضافية لتدعيم الخزينة العمومية، مؤكدا أن الخبراء يقترحون عرض قانون الاستثمار بلغات أجنبية وخارطة المشاريع الاستثمارية في المنصة الرقمية للمستثمر التي ستكون آلية مهمة لإضفاء الشفافية.
شدد رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء الأخير على ضرورة أن يراعي بيان السياسة العامة إستراتيجية الدولة في النهوض بالاقتصاد الوطني من خلال تعزيز قدراتها المالية، وبتشجيع التصدير خارج المحروقات كموارد مالية جديدة الى جانب إسداء تعليماته لاستحداث وكالة وطنية لاسترجاع الممتلكات والأموال المُصادرة كآلية جديدة تكون تحت وصاية وزارتي المالية والعدل.
وبخصوص عرض حول المنصة الرقمية للمستثمر أمر بأن يكون الهدف الأول هو ضمان الشفافية التي ينبغي تحقيقها ميدانيا من خلال هذه الآلية حتى تكون من بين الآليات المساعدة على إحصاء العقار الصناعي وتوجيه الاستفادة منه لمستحقيه، كما حدد نهاية سبتمبر الجاري كآخر أجل لاستحداث الشباك الوحيد للاستثمار للوقوف على إحصائيات دقيقة تسمح بإعداد مخطط تسيير مبني على الاستشراف وتسهيل الاستثمار.
خرشي: استرجاع 850 مليون دولار
في قراءته لمخرجات مجلس الوزراء الأخير في شقها الاقتصادي، قال الخبير خرشي فيما يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، إن أمر رئيس الجمهورية باستحداث وكالة وطنية لاسترجاع الممتلكات والأموال المُصادرة مهمتها تسيير الأصول المحجوزة والمصادرة بحيث توضع تحت وصاية وزارة المالية ووزارة العدل جاء من أجل وضع تشريع قانوني وتنظيم اقتصادي لهذه الأصول، ففي فترة سابقة تم استرجاع 850 مليون دولار في صورة أراض وعقارات، لذلك لا بد من وكالة لتسييرها من الناحية الاقتصادية ولن يتأتى ذلك الا من خلال نص تشريعي واضح.
وفي حديثه عن استحداث هذه الوكالة، أكد الخبير أن القرار يوحي باسترجاع أموال منهوبة اخرى. ولم يتم استحداثها من اجل تسيير ما تم استرجاعه فقط، وانما أيضا لتسيير ما سيتم استرجاعه مستقبلا. ما يعزز هذه الفرضية هو ما يسمى بالتسوية الودية الصادرة في قانون مخطط عمل الحكومة في 2021، الى جانب تحضير وزير العدل لمشروع قانون خاص بالتسوية الودية لاسترجاع الأموال المنهوبة.
وعن انعكاسات القرارات الاقتصادية، قال خرشي إنها ستسمح بتحصيل مداخيل إضافية لتدعيم الخزينة العمومية معتبرا ان كل هذه الخطوات تأتي في اطار مواصلة الجهود الخاصة بمحاربة الفساد.
اما فيما يتعلق بوضع منصة رقمية للمستثمر، أوضح المتحدث ان قانون الاستثمار ينص على استحداث منصة رقمية ذات طابع اعلامي مهمتها اطلاع المواطن والمستثمرين على مختلف القوانين المتعلقة بالاستثمار وغيرها، حيث تشرف عليها حسب هذا القانون الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار.
وامر رئيس الجمهورية بضرورة تقديمها معلومات عن العقار الاقتصادي المتاح سواء كان صناعيا، فلاحيا او خدماتيا، بغية إضفاء طابع الشفافية حيث يصبح المواطن أو المستثمر أو الإدارة كلهم يملكون معلومات عن العقار، وفي أي منطقة هو متوفر على عكس فترات سابقة اين كان الوالي الوحيد الذي يملك هذا النوع من المعلومات حول العقار الاقتصادي، بل كان في بعض الأحيان لا يعلم بوجوده الا عند تقديم المستثمر طلبا للاستفادة من عقار ما.
لذلك، يمكن القول إن المنصة الرقمية هي تكريس للشفافية من الناحية السياسية، ومن الناحية الاقتصادية تسمح بتوفير المعلومات اللازمة للمستثمر، و«نحن كاقتصاديين نثمن أمر رئيس الجمهورية بضرورة وضع المعلومات المتعلقة بالعقار الصناعي على مستوى المنصة الرقمية”، فيما اقترح نشر قانون الاستثمار على المنصة بمختلف اللغات العربية، الإنجليزية والفرنسية دعما للمستثمر المحلي والأجنبي الى جانب نشرها لخارطة المشاريع الاستثمارية في الجزائر.
بمعنى ان الخارطة ستضع بين يدي المستثمر المتصفح للمنصة الرقمية الأماكن التي تعرف انتشارا للمؤسسات بمختلف أحجامها كبيرة، صغيرة ومتوسطة، واين يوجد تراكم صناعي، الى جانب المناطق الصناعية وأين تتمركز قطاعات النشاط كصناعة الحديد، البلاستيك والزجاج، كل هذه المعلومات ان وضعت في خارطة على المنصة الرقمية ستساعد المستثمر الأجنبي على تحديد وجهته الاستثمارية في الجزائر.