تعوّدنا على الوقوع، بين حين وآخر، على إعلانات فايسبوكية، تقترح تقديم خدمات في تدقيق الأعمال العلمية وتصحيحها وتوضيبها، ولم نكن نتوقّع مطلقا، أن (تتكوّر) الفكرة وتتطوّر، وتتحوّل إلى (مشروع تجاري) يقدّم عروضا ترويجية تمتدّ إلى غاية التّكفل الكامل بإعداد أطروحات الدكتوراه، ومذكرات التّخرج على اختلافها، بداية من اقتراح موضوع البحث وعنوانه، إلى غاية الفهرسة، فلا تترك لـ»الطالب» سوى جهد المثول أمام لجنة المناقشة، وقبول ملاحظاتها دون نقاش، ولعلها تتطوّر في المستقبل، فتعرض «خدمة المناقشة» نيابة عن الطالب.. من يدري؟!
ولا يتوقف جهد «الجهابذة الباحثين» عند هذا الحدّ، وإنّما يتمادى إلى متابعة الأطروحات بعد «النّجاح»، إذا كان «طالب الخدمة» يرغب في تحويل عمله (الذي أعدّه له الشّطار) إلى كتاب (كامل الأوصاف)، وهنا تتدخّل (المؤسسة البحثية!!) كي تحوّل الأطروحة إلى كتاب، وتتكفّل بتوزيعه والترويج له إلى أن يصبح مرجعا لامعا في فنّه، دون أن يجد أصحاب «الخدمات» حرجا في ذلك، بل إنهم يفخرون بـ «السرّية» التي يضمنونها لعملائهم، ويفخرون بأنهم يقدّمون (حيلا بديعة) لتخفيف تكاليف الإعداد، إن تكرّم (الباحث المجازي) واقترح عددا من المراجع للإسهام في إعداد»أطروحته المجازية»..
وقد يكون من حسن حظّنا، أن المؤسسة البحثية (الشّاطرة) ليست جزائرية، غير أن وجودها على شبكة أنترنيت يتيح لها اختراق الحدود، ما يعني أنّها تمثّل خطرا محدقا بجميع الجهود الأكاديمية في العالم العربي، ويوطّن لـ «السرقة العلمية» رقميّا، وهذا يقتضي المسارعة في اتّخاذ الإجراءات الضرورية التي تكفل التّخلص من هذا (الهبل) المستحدث، قبل أن يستقرّ منكرُه ويستفحل أذاه.