يعلم الجميع أنّ «وسيلة الإعلام»، مكتوبة كانت أم سمعية أم بصرية، تتحمّل مسؤولية ثقيلة عن «الثّقافة العامّة» التي تكرّسها في خطابها العام، تماما مثلما تتحمّل المسؤولية الأثقل، عن الصّورة التي تسوّق لها، وترسم من خلالها ملامح المجتمع الذي تنتمي إليه، ما يعني أنّ كلّ فكرة تطرح للنّقاش، وكل أسلوب في المعاملة، وكلّ حركة مهما كانت (لطيفة أم خشنة) قد تتسلّل إلى الوعي العام، وتستقرّ به، فتتحوّل إلى سلوك يومي، تماما مثلما يمكن أن تتحوّل إلى صورة نمطية تنسحب على المجتمع كلّه، وتصبح حكما قائما في حقّه..
هذا يعلمه الجميع، ومع ذلك، نلاحظ أنّ بعض المشتغلين في السّمعي البصري بصفة خاصة، لا يولونه كبير اهتمام، فلا يتورّعون عن تحويل (البلاطوهات) إلى فضاءات لـ «التّهريج» و»العبث»، وما لا يليق مطلقا بصورة الجزائري، وكثيرا ما تحيد النّقاشات عن جادة الصّواب، فتصبح ميادين تنافس قد يصل إلى «العداء»، ويضيّع اللّياقة في الكلام، أو يخرج عن المعقول، وينسى أنّه يتحدّث أمام الصّغار والكبار، ممّن يمكن أن يقعوا في أحابيل ما ارتكب دون أن يقصد إلى ذلك، أو يحدّد الصّورة النّمطية التي تلتصق بالأذهان، فيلصقها بمجتمع كامل هو منها براء، ولم يكن له من ذنب جناه سوى وجود وسيلة إعلامية، تسوّق له صورة مخالفة لما هو عليه، رغما عنه..
أمّا «الإعلام» بجميع أنواعه وأشكاله، فهو يبقى مسؤولية ثقيلة ينبغي أن يقرّ بها كل من يرقن ويصوّر ويعلّق، بل إنّ الشّكل الجديد للخطاب عبر منصّات التّواصل الاجتماعي، ينبغي أن يلتزم هو الآخر بما يحفظ للمجتمع صورته الحقيقية، ولا يحمّل النّاس ما لا يحتملون..