يتحدّث المدير العام للديوان الوطني للإحصائيات بالنيابة، يوسف بعزيزي، لـ «الشّعب»، بالتفصيل عن عملية الإحصاء السادس للسكان والإسكان في الجزائر، التي سيتم الاعتماد فيها ولأول مرة على الألواح الرقمية عوض الوسائل التقليدية وهي الأوراق.
ليشدّد على حماية العملية من محاولة استغلالها سياسا، وذلك بمنع تدخّل المنتخبين المحليّين في المجالس الشعبية والولائية، ليؤكّد على سرية المعلومات التي تخص الجزائريين وحمايتها من «الاختراق»، عن طريق توفير إجراءات آمنة، فيما أوضح المسؤول ذاته على أنّ النتائج الأولية للإحصاء ستظهر أواخر شهر ديسمبر 2022.
– الشعب: تنطلق بداية الأسبوع المقبل، عملية الإحصاء السّادس للسكان والإسكان في الجزائر، كيف تمّ التحضير لهذه العملية؟
المدير العام بالنّيابة للدّيوان الوطني للإحصائيات يوسف بعزيزي: هذه العملية انطلق التحضير لها منذ سنة 2016، حيث شرعنا في العمل عن طريق إعداد الخرائط عبر كامل قطر الوطن، إذ تمّ تقسيم التراب الوطني إلى مقاطعات إحصائية، وهي عبارة عن مساحة صغيرة تضمّ ما بين 60 و80 مسكنا أو أسرة في المناطق الريفية، وما بين 100 و150 أسرة في المناطق الحضرية، علما أنّ المقاطعة الإحصائية تُعرّف بأنّها عدد الأسر التي بإمكان عون إحصاء واحد يحصيها في مدة 15 يوما، وقد قسّمنا ولايات الوطن إلى مقاطعات إحصائية بغية ترقيم البنايات والمنازل، حتى يتسنى لنا عدّ المنازل وتوضيح عناوينها، حيث يتمّ وضعها في كرّاس مقاطعة، حيث هناك كراس خاص بكل مقاطعة إحصائية، يحتوي على عناوين كل المنازل، ويعتبر بمثابة الوثيقة أو «الدليل» الذي يستعمله العون، ويعتمد عليه خلال القيام بعمله بالتوجه نحو منازل الأسر في مقاطعته الإحصائية، وقد اعتمدنا على المقاطعات الإحصائية بغية تحديد عدد الأعوان الذين سيجندون في عملية الإحصاء لمدة 15 يوما، وهو ما تمّ فعلا.
– هل أنتم جاهزون لإطلاق العملية وإنجاح الموعد؟
حاليا نحن بصدد إكمال آخر مراحل تكوين أعوان الإحصاء الذي انطلق يوم الأحد الماضي، فبالتاريخ المحدّد بين 01 إلى 05 سبتمبر 2022، تم جمع المشرفين والمكونين في الجزائر العاصمة، وجمع هذا الاجتماع إطارات الديوان الوطني للإحصائيات المكلفين بالتأطير والمتابعة الميدانية لعملية التنفيذ، ويبلغ عددهم 84 شخصا يوزّعون عبر مختلف ولايات الوطن.
أما في الفترة المحددة من 8 إلى 14 سبتمبر 2022، فقد تمّ تنظيم دورات تكوينية على مستوى الولايات لتكوين ما يقارب 8000 مكون في تقنيات جمع المعلومات، حيث يقوم مشرفو الديوان الوطني للإحصائيات بتأطير وتنشيط هذه الدورات.
ومن 18 إلى 24 سبتمبر 2022، يتم على مستوى البلديات إقامة دورات تكوينية يقوم بها المكوّنون الذين تمّ تكوينهم من قبل، حيث يقومون بتمكين أعوان الإحصاء والمراقبين من تقنيات ملء الاستمارات، ومختلف الوثائق المتعلقة بالعملية.
ومن 25 سبتمبر إلى 09 أكتوبر 2022، سيتم الانطلاق في جمع المعلومات في الميدان، حيث يتم تعيين كل عون إحصاء في منطقة محدّدة، تسمى مقاطعة إحصائية، مؤطّر من طرف المراقب والمكون على المستوى التقني والمندوب البلدي المكلف بالعملية على المستوى اللوجستي.
– ما هي الطّريقة التي ستجري بها عملية الإحصاء؟
كلّ عون إحصاء يملك لوحة إلكترونية، والبعض الآخر سيعتمد على الاستمارات الورقية، حيث سيعمل العون داخل مقاطعته الإحصائية، اعتمادا على خريطة وكراس المقاطعة، باستعمال اللوحات الرقمية.
– ذكرتم استعمال الأوراق بدل اللّوحات الإلكترونية، لماذا؟
كان من المفروض أن يجري الإحصاء السادس للسكان خلال سنة 2018، لكن تمّ تأجيله لظروف معيّنة، وتمّ الإبقاء على نفس الميزانية التي اعتمدت حاليا خلال علمية الإحصاء لسنة 2022، إذ تمّ تقدير الوسائل اللوجستية بناء على عدد سكان الجزائر في تلك الفترة، ومعها تمّ تحديد عدد اللوحات الرقمية، عددها وميزانيتها، غير أنّ عدد السكان وعدد المقاطعات، ارتفع مع زيادة عدد سكان الجزائر، ومعه ارتفع عدد أعوان الإحصاء، لذلك فإنّ 20 بالمائة من السكان، سيتم إحصاؤهم عن طريق الاستمارات الورقية، طبقا لميزانية 2018 التي تقدر بـ 5 مليار دينار، منها 1 مليار دينار خصص للّوحات الرقمية.
– من هم السكان المعنيّون باستمارات الأوراق؟
في كل بلدية هناك نسبة معيّنة من استمارات الأوراق ستُستعمل في الإحصاء، ولم نحدّد منطقة بعينها.
– ما الجديد الذي جاءت به هذه العملية؟
الجديد كما قلنا هو استعمال «الطابلات»، لما لها من فوائد كثيرة، الأولى تكمن في السرعة في إدخال المعطيات رقميا، على عكس الاستمارات الورقية التي تتطلّب توفير ورشات عمال لتحرير تلك البيانات في الحواسيب بغية استغلالها في الشبكة الوطنية للديوان، وهنا يكون احتمال الخطأ أكبر، نظرا لتداول المعلومات بين العون الذي يملأ الاستمارات وبين من يحرّر المعطيات على الكمبيوتر..أما الميزة الثانية، فهي تعمل على تجنب الأخطاء، حيث تحتوي اللوحات الرقمية على برنامج يكتشف الأخطاء والتناقضات، ويعرض الخطأ، وهنا يستدرك العون الخطأ ويصحّحه مباشرة، خاصة وأنه لا يزال لدى الأسرة التي يجمع معلومات، لذلك فهو يدقّق ويصحّح الأخطاء في الميدان.
– ألا تعتقدون أنّ الآلة معرّضة للخطأ، على عكس الوسائل التّقليدية وهي الأوراق؟ وإذا ما حدث ذلك ما هي الاحتياطات التي اتّخذتموها؟
هناك احتمال الأخطاء الواضحة، على غرار الوقوع في تناقضات، مثل أن يكتب العون شاب في الـ 16 سنة من عمره، وفي الشغل يكتب متقاعد، وهنا سرعان ما تصل عون الإحصاء رسالة الخطأ، بوجود تناقض بين العمر والوظيفة، وبما أنه ما يزال لدى الأسر، يعيد السؤال ويصحّح الخطأ مباشرة، علما أنه يتم تحديد الوظائف رقميا مثلا رقم 1 تخص الطلبة و5 تخصّ المتقاعدين، وهنا يسهّل من عملية تصحيح الأخطاء باكتشاف التناقضات.
– ما نوع الاستمارات التي ستستعمل في هذا الإحصاء؟
قسّمنا الاستمارات حسب نوع الفئات السكانية، الأولى استمارة الأسر العادية والجماعية، علما أن الأسرة العادية هي التي تتكوّن من زوجين وأطفال أو غياب أحد العناصر منها، أما الأسرة الجماعية تتعلق بمشاركة فئة من الجزائريين المسكن الواحد، مثلا طالبين أو أكثر يشتركون في منزل واحد، أو مجموعة أصدقاء يتقاسمون منزلا، حيث سيتم إحصاء السكان المقيمين في تلك الأسر..أما الاستمارة الثانية، تتعلق بالأسر الراحلة، على غرار البدو الرحل، فيما خصّصت استمارة ثالثة للأشخاص في دور المسنين، دور الطفولة المسعفة، مؤسّسات إعادة التأهيل ــ السجون ــ واستمارة أخرى خاصة بالأشخاص بدون مأوى، خاصة بالمشردين والمختلين عقليا.
– كيف يتم إحصاء المساجين والمقيمين في دور العجزة وغيرها من هذه الفئات؟
بالتعاون مع القطاعات المعنية، على غرار وزارة التضامن، وزارة العدل، حيث أكّدت تلك الوزارات، توفير قاعدة معلومات وكل المعطيات التي نحتاجها، علما أنّ القطاعات هي التي تتكفّل بمنح كل المعلومات، وتقديمها للديوان رقميا.
– اطّلعنا على استمارة الإحصاء الخاصة بالأسر العادية، ووجدنا أسئلة لم تستعمل من قبل، مثل حصة الأسر من استعمال وسائل الإعلام والاتصال؟ لماذا يتم إدراج مثل هذه الأسئلة؟ وما هو جديد أسئلة الاستمارات المستعملة في عملية الإحصاء؟
في الغالب هي أسئلة كلاسيكية، تطرح عموما في كل عمليات الإحصاء العام، أسئلة بسيطة واضحة، تتعلق بأفراد الأسر، السن، الوظيفة، نوعية السكن وغيرها، أما الأسئلة الجديدة تتعلق بالإعلام والاتصال.
– بغية إنجاح هذا الإحصاء، تمّ تجنيد أكثر من 60 ألف عون إحصاء، ممكن أكثر تفاصيل حول تسخير العامل البشري؟
كل إطارات الدّيوان الوطني للإحصائيات مجندة، عبر كل المديريات الجهوية، حيث تمّ إرسال مشرفين من الديوان إلى كل ولاية، يتكفلون بالأعمال التقنية داخل الولاية، ضف إلى 2600 مندوب بلدي ــ موظف في البلدية ــ يعرفون الميدان جيدا، وفي كل ولاية مهندس ولائي ــ موظف في الولاية ــ مهمتهم لوجستية، أما مشرف الديوان له مهمة تقنية، حيث سيتم التنسيق فيما بينهم حتى تسهل العملية، وتم تسخير كذلك 8032 مراقب، وكل واحد منهم يشرف على تأطير 7 أعوان إحصاء، و53 ألف عون أحصاء، بمجموع 61 ألف عوان إحصاء، يحوزون على لوحات الكترونية التي يبلغ عددها 57 ألف لوحة الكترونية، علما أنّ كل المراقبين يحوزون على لوحة إلكترونية، على عكس أعوان الإحصاء.
– هل وضعتم في الحسبان أن يتعرّض عون الإحصاء للمضايقة، أو حتى عدم استقباله من قبل الأسر؟ وإذا حدث هذا الأمر، ما هي الإجراءات التي وضعتموها لضمان عمل عون الإحصاء؟
سيزور عون الإحصاء المنازل ويقصد الأسر، بعد أن يتلقّى رب الأسرة إشعارا بالمرور يُعلمه فيه بتاريخ زيارته لأسرته، وبعد نهاية المقابلة، سيسلم هذا الأخير هذا الأخير بطاقة الإحصاء، وهي وثيقة موقّعة يسجّل فيها تاريخ عملية الإحصاء.
– وماذا عن تدخّل الإطارات المحلية، مثلا «الأميار» أو المنتخبين في المجالس الشّعبية البلدية والولائية، واستغلال الحدث؟
ممنوع منعا باتا تدخّل رؤساء المجالس الشعبية البلدية، وكل المنتخبين المحليين في البلديات أو الولايات خلال عملية الإحصاء، هناك المندوب البلدي وهو المكلف بسير العملية اللوجستية في البلدية، ولا دخل للسلطات المحلية في عملية الإحصاء، ولا يجب أن يظهر أولئك في الميدان، وممنوع القيام مثلا بحملات إقناع المواطنين بالتجاوب مع عملية الإحصاء، هذه ليست عملية سياسية، ولا تحمل طابعا سياسيا، بل هي عملية تقنية فقط.
لكن بعد إتمام عملية الإحصاء وظهور النتائج الأولية، ستُقم لهم كل المعلومات، حيث يستطيعون استغلالها إن أرادوا طبعا لأغراض ما سواء سياسية أو تنموية وغيرها.
– ممكن تحدّثنا عن الإجراءات المتخذة للحفاظ على سريّة المعلومات، خاصة مع استعمال اللّوحات الرّقمية والانترنيت في نقل بيانات الجزائريّين؟ ألا تتوجّسون من اختراقها من قبل جهات ما سواء داخل الوطن أو خارجه؟
فيما يتعلق بسريّة المعلومات، نحوز على خط خاص VPN، محمي من قبل اتصالات الجزائر ومتعامل الهاتف النقال «موبيليس»، علما أنّنا اقتنينا اللوحات الإلكترونية والشرائح من شركة «موبيليس»، حتى يكون الاتصال مباشرا بـ serveur موبيليس، ويتم تحويلها مباشرة إلى serveur الديوان الوطني للإحصائيات، وهنا لا يوجد من يطلع على المعلومات لا الجباية، ولا الضرائب ولا غيرها من الجهات، وحتى أي مؤسسة.
وستكون المعطيات محفوظة حفظا تاما بديوان الإحصائيات، وعندما يتمّ الشروع في العمل وفرز المعلومات ومعالجتها، سيتم التخلي عن البيانات الشخصية للأسر بإخفائها تماما، كل ما تعلق بالأسماء والألقاب، بل نعمل عن طريق المؤشرات العامة، والمعدّل الإحصائي فقط، مثلا مؤشّر البطالة، التركيبة السكانية، السّن، وغيرها ولا نستطيع مثلا أن نقول أنّ الأسرة الفلانية تملك كذا وكذا، فهو أمر ممنوع قانونيا، إذ سيتم أخذ المعطيات الفردية ومزجها مع معطيات أخرى.
– من خلال عملية الإحصاء، هل سيتم تعداد عدد المهاجرين في الخارج سواء كانوا نظاميّين أو «حراقة»، خاصة وأن هناك سؤال بالاستمارة يتعلق بالهجرة؟
لا نستطيع، إحصاء هذه الفئة، في الاستمارة سؤال يتعلق بالهجرة خلال الخمس السنوات الأخيرة فقط، حيث نحصي إلا من هاجر في تلك المدة، علما أن كل من غادر تراب الوطن لا يُعتبر فردا من أفراد الأسرة، بل يؤخذ كمعلومة فقط، فالمعطيات التي يستقيها عون الإحصاء تكون حول كل أفراد الأسرة، ما تعلق بالسن، الجنس والعمل، وغيرها من المعلومات.
لذلك أود التوضيح أن كل شخص يعتبر فردا من أفراد الأسرة، يجب أن يكون مقيما في منزل تلك الأسرة، فالمتزوج الذي يستقل منزلا خاصا به سواء يملكه أو لا، لا يعتبر فردا من الأسرة المعنية بالإحصاء، وحتى من ذهب للعمل في الصحراء ولم يعد بعد مرور 6 أشهر لن يدوّن في استمارة الإحصاء على أنه ينتمي لتلك الأسرة، فمعيار الإقامة مرتبط بأقل من 6 أشهر من مغادرة المنزل، أما مساءلة الأسرة هل ذهب أحد أفرادها «حراقا» أو نظاميا لا يُطرح أصلا.
– هل سيتمّ إحصاء الأجانب في الجزائر؟ وكيف سيتمّ ذلك؟
إذا كان الأجنبي يستغل منزلا في الجزائر، فإنّ عملية الإحصاء ستطاله، حتى لو كان منزل كراء، فيما لن يُحصى قاطنو البنايات الدبلوماسية، على غرار القنصليات والسفارات المنتشرة عبر مختلف ربوع الوطن، وسنقدّم بعد نهاية الإحصاء عدد الأجانب المقيمين في الجزائر، وتستعمل في عملية عدّهم هذه استمارة الأسرة العادية والجماعية.
– على ماذا يرتكز الرّهان اليوم؟
نتمنّى أن تتجاوب الأسر مع أعوان الإحصاء، لأنّ هذا الإحصاء لصالح الجزائر، حتى يتم تسطير سياسات عمومية تجاه المواطنين، تُبنى على معطيات دقيقة وصحيحة، والرّهان اليوم يرتكز على إنجاح عملية استعمال اللّوحات الرقمية. ومن المنتظر أن تظهر النّتائج الأولية في أواخر شهر ديسمبر 2022، أمّا النّهائية فستكون بعد مرور سنة.