بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه يوم 11 سبتمبر الماضي، يعرض بيان السياسة العامة للحكومة على نواب المجلس الشعبي الوطني للمناقشة في الثالث أكتوبر المقبل.
تضمن البيان عرضا تفصيلياً لمختلف النشاطات والأعمال التي أنجزتها مختلف القطاعات خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2021 إلى غاية أوت 2022، وهي فترة اتسمت، بحسب البيان، بظرف وطني ودولي معقد للغاية، بدءًا بالتداعيات الناجمة عن تفشي فيروس كوفيد-19، وصولاً إلى النزاع في أوكرانيا وانعكاساته على الصعيد الدولي. ويأتي تقديم هذه الحصيلة تنفيذاً لأحكام المادة 111 من الدستور، التي تنصّ على أنه «يجب على الوزير الأول أن يقدم، سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة».
تطرق بيان السياسة العامة للحكومة في شقه الاقتصادي إلى أهم التّدابير المتخذة في تعزيز دعائم النمو وتطوير القطاعات الإستراتيجية الواعدة بالنمو، وكذا تثمين الإنتاج الوطني وتطوير منشآت الدعم الأساسية، وتعزيز اقتصاد المعرفة والتعجيل بوتيرة التحول الرقمي، وقد عكفت الحكومة – يؤكد نص البيان – على تحديث النظام المصرفي والمالي عبر المراجعة المقبلة لقانون النقد والقرض، وتحسين مناخ الأعمال لاسيما بإصدار قانون الاستثمار الجديد، وعملت الحكومة أيضاً على ترقية المقاولاتية من خلال استحداث القانون الأساسي للمقاول الذاتي وإنشاء شكل قانوني جديد بالنسبة للمؤسسات الناشئة وتطهير العقار الصناعي.
وسعياً لتعزيز روافد الإنعاش الاقتصادي، ضمن منظور الاستثمار وتنويع الاقتصاد اعتمدت الحكومة – حسب البيان – بالأساس على إصلاح القطاع العمومي والتجاري، وحوكمة المؤسسات العمومية، إضافة إلى تعزيز اندماج القطاع غير الرّسمي ضمن المسار القانوني وكذا تطوير العقار الصناعي، وتحسين استغلاله بشكل أمثل، علاوة على تعزيز اقتصاد المعرفة والبحث والتنمية والابتكار.
وربط البيان الوضعية العامة للاقتصاد الوطني، بالتطورات الحاصلة على المستوى الدولي، حيث تأثر مسار انتعاش الاقتصاد العالمي بتدهور المحيط الجيوسياسي الدولي، وتنامت الشكوك التي مست نشاط الاستثمار وحركة تدفقات التجارة الخارجية، ما أدى إلى إعادة النظر بالنقصان في تقديرات نمو الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية بالنسبة لسنة 2022. وقد شهدت معظم بلدان العالم مستويات تضخم لم تُسجل منذ 40 سنة، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية والمنتجات الغذائية، وضرب بيان السياسة العامة مثال سعر القمح في السوق الدولية الذي ارتفع بثلاثة أضعاف منذ بداية سنة 2020.
أما من جانب المحروقات، فقد كان من المتوقع أن يصل السعر المتوسط للبترول الجزائري إلى 104 دولار للبرميل في سنة 2022، بينما قدر بنحو 71 دولارا للبرميل في سنة 2021 وبنحو 42 دولارا للبرميل في سنة 2020، يؤكد بيان السياسة العامة.
وقد عملت الجزائر سنة 2021، رغم هذا المحيط الدولي المعقد، على استئناف النشاط الاقتصادي، بعد التراجع المحسوس المسجل سنة 2020 نتيجة تفشي جائحة كوفيد-19، كما عرف الاقتصاد الجزائري في 2021، «حركية استدراكية» تميزت بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة + 4.7%، غير أن هذه النسبة قوبلت بسياق تضخم عالمي لم تستثن منه الجزائر، حيث سجل مؤشر الأسعار عند الاستهلاك ارتفاعا بنسبة 7.24% في نهاية سنة 2021، مقابل + 2.4 % في نهاية سنة 2020، وارتبط معدل التضخم هذا أساسا بالمنتجات الغذائية التي تضخمت أسعارها بنسبة + 10.1 %، إضافة إلى منتجات الصناعة التحويلية التي تضخمت أسعارها هي الأخرى بنسبة + 6.3%، كما أشار بيان السياسة العامة إلى أن هذا الاتجاه مستمر في سنة 2022، حيث بلغ مؤشر الأسعار عند الاستهلاك نسبة 9.1 % خلال شهر جوان 2022، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير وآليات تتماشى مع هذا الوضع بغرض ضمان الأمن الغذائي للبلاد، لاسيما في مجال تموين الأسواق وتكوين مخزونات إستراتيجية من الحبوب.
أما ما تعلق بالوضعية المالية العامة للبلاد، فقد عملت جهود الحكومة في 2021 لتثبيت استقرار المقومات الأساسية للاقتصاد، والحدّ من اختلال التوازنات الداخلية والخارجية، وفي هذا الشأن، توضح وثيقة السياسة العامة أن إيرادات ونفقات الميزانية سنة 2021 ارتفعت بنسبة + 15.5% وبنسبة + 7.6% على التوالي، (الإيرادات: 5.904 مليار دينار، والنفقات 7.429 مليار دينار)، وبهذا يقدر رصيد الميزانية ورصيد الخزينة، على التوالي بـ: ـ 1.524 مليار دينار، أو ما يمثل -6.9 % من الناتج الداخلي الخام، وبـ – 2.272 مليار دينار أو ما يمثل -10.2 % من الناتج الداخلي الخام.
وعلى صعيد التجارة الخارجية، سجل رصيد الميزان التجاري سنة 2021، فائضا قدر بـ 1.6 مليار دولار، مقابل عجز بلغ 10.6 مليار دولار في سنة 2020، كما سجل ميزان المدفوعات خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2022، فائضاً قدره 8.189 مليار دولار، مقابل عجز بلغ 621.94 مليون دولار خلال نفس الفترة من سنة 2021.
أما الصادرات خارج المحروقات، فقد سجلت ارتفاعا بنسبة 87%، حيث انتقلت من 2.09 مليار دولار في نهاية شهر جويلية 2021، إلى 3.91 مليار دولار في نهاية شهر جويلية 2022 .