ينعقد اجتماع الحكومة مع الولاة، اليوم وغدا بقصر الأمم، تحت إشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يناقش فيه المشاركون «آليات ترقية الاقتصاد الوطني والتنمية المحلية» من خلال دور الوالي في التنمية، الإطار القانوني الجديد لترقية الاستثمار، وإصلاح المالية والجباية المحلية.
يصف خبراء هذا اللقاء بـ»الهام»، ونقطة «انطلاقة» نحو التوجه الجديد لتنمية جميع مناطق البلاد، خاصة الولايات التي صنفها قانون الاستثمار الجديد في خانة الأولوية، لتوزيع عادل ومنصف للثروة واستحداث فرص عمل تلبية لمطالب السكان.
اجتماع الحكومة – الولاة، الذي سيكون «اقتصاديا بامتياز»، يأتي بعد قطع أشواط معتبرة في خطة الإنعاش الاقتصادي وتجديده، ضمن منظور الاستثمار وتنويع الاقتصاد، حيث تم استكمال إصلاح الإطار القانوني للاستثمار الذي كان محل توصية اللقاء السابق، بوضع حيز التنفيذ القانون الجديد المتعلق بالاستثمار المؤرخ في 24 جويلية 2022، ومجمل نصوصه التطبيقية (مرسوم رئاسي و7 مراسيم تنفيذية)، وهو ما سيزيل عقبة ظلت محل جدل داخلي وخارجي أمام الراغبين في الاستثمار بالجزائر، ويمنح الولاة والمنتخبين المحليين سندا قانونيا وأطرا تنظيمية واضحة لإطلاق المشاريع وفق احتياجات كل منطقة.
وحددت النصوص التطبيقية لقانون الاستثمار قائمة المواقع التابعة للمناطق التي توليها الدولة أهمية خاصة في مجال الاستثمار، ويتعلق الأمر بالبلديات التابعة للهضاب العليا والجنوب الكبير، المناطق التي تتطلب تنميتها مرافقة خاصة من الدولة، والمناطق التي تمتلك إمكانات من الموارد الطبيعية القابلة للتثمين، كما حددت قائمة النشاطات غير القابلة للاستفادة من الامتيازات والحدود الدنيا من التمويل، وبينت طرق متابعة الاستثمارات والتدابير الواجب اتخاذها في حالة عدم احترام الواجبات والالتزامات المكتتبة.
وتحصي الحكومة 915 مشروعا استكمل ولم يوضع حيز الاستغلال، تم الإفراج عن 863 مشروع بعد دراستها، قدرت تكاليف استثماراتها بمبلغ إجمالي يفوق 527 مليار دينار، وهو ما يسمح بإنشاء أكثر من 52 ألف منصب شغل، كما قامت بتسوية ملفات استثمارية كانت معطلة، وسجل 15 مشروعا استثماريا يجري إنجازه ووضعه حيز الاستغلال جزئيا، يستحدث ما يقارب 8869 منصب شغل مباشر، و7 مشاريع استكملت ووضعت حيز الاستغلال قبل دراستها من قبل المجلس الوطني للاستثمار، توفر 5515 منصب شغل مباشر.
من جهة أخرى، سمحت الجهود المبذولة في هذا المجال بتسجيل 1752 مشروع لدى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، يتوقع أن تستحدث 41 ألف و382 منصب شغل مباشر.
أما عملية تطهير العقار الصناعي، فقد سمحت المتابعة الصارمة باسترجاع 3519 قطعة أرضية، تبلغ مساحتها الإجمالية 1553 هكتار، ويجري تنفيذ البرنامج الجديد للمناطق الصناعية، حيث شرع في تهيئة 6 مناطق صناعية من قبل الوكالة الوطنية للوساطة وضبط العقار، سيتم وضع 3 منها حيز الاستغلال قبل نهاية السنة، والبقية توضع حيز الاستغلال سنة 2023، وتقدر المناطق الصناعية المسجلة بعنوان الولاة، 32 منطقة هي قيد التهيئة.
كواشي: وضع النقاط على الحروف
ولأن الولاة يمثلون السلطة التنفيذية في أقاليم ولايتهم، فهم من الناحية القانونية يتمتعون بصلاحيات كبيرة وواسعة، حيث يشرفون على المجالس المنتخبة، ولديهم السلطة على المديريات الفرعية الوزارية، وعليه دورهم ذو أهمية إستراتيجية في تحقيق التنمية المحلية على مستوى أقاليم ولايتهم، يقول الخبير الاقتصادي مراد كواشي لـ»الشعب»، خاصة من الناحية التنظيمية، مضيفا أن للوالي دور كبير في الترويج للإمكانات والقدرات التي تزخر بها ولايته من منشآت قاعدية وفرص استثمارية، وهذا لجذب أكبر قدر من المستثمرين لولايته.
ولدى الوالي أيضا صلاحيات توزيع العقار بشكل عام والصناعي بشكل خاص، وكذا المشاريع الفلاحية والسياحية، وبإمكانه وضع خطة أو إستراتيجية للتنمية الاقتصادية على مستوى ولايته؛ ولهذا، فإن اختيار الولاة الأكفاء يعد أهمية قصوى في نظره، من أجل إنجاح السياسة العامة للدولة ومخطط الحكومة بشكل عام.
ويرى كواشي أن لقاء الحكومة – الولاة، «هام جدا»، وسيتم فيه وضع النقاط على الحروف، وتوضيح كل الأمور من أجل إشراك الولاة في عملية تنمية محلية حقيقية، وحثهم على رفع العراقيل البيروقراطية، خاصة تلك التي كانت تقف أمام المستثمرين وتعرقل إنجاز مشاريعهم، وعليه، يجب على الولاة أن ينخرطوا في الديناميكية الجديدة التي تعرفها الدولة الجزائرية.. «الديناميكية الاقتصادية»، وأن يكونوا فاعلين مؤثرين في التنمية المحلية خاصة على مستوى أقاليم ولاياتهم، من أجل توفير مناصب الشغل والمساهمة في خلق الثروة.
واعتبر المتحدث أنه «آن الأوان لإصلاح المالية والجباية المحلية، ومراجعة القوانين المتعلقة بالجباية؛ لأنها أصبحت لا تتلاءم مع الظرف الجديد الذي تعرفه الجزائر حاليا».
كحيل: فرصة الاستجابة للمطالب المشروعة
بدوه، الخبير في الإدارة المحلية والباحث الاكاديمي محمد الصالح كحيل، يرى في لقاء الحكومة – الولاة، فرصة مناسبة للاستجابة للمطالب المشروعة للسكان كل منطقة على حدة، خاصة وأن اللقاء يتزامن مع صدور قانون الاستثمار (تنمية مناطق معينة) ومع ارتفاع أسعار النفط، وهذا سيسمح حسبه بتجسيد العدالة في توزيع الثروة، وتقسيم المجهود التنموي.
وأوضح الخبير في تصريح لـ»الشعب»، أن عبء تنفيذ مشروع الإنعاش الاقتصادي، يقع على الولاة؛ لأنهم هم الذين يلامسون الإقليم، وهم أقرب إلى تطلعات السكان» ويتطلب ذلك حسبه، نزول الولاة إلى الميدان وملامسة الواقع أكثر فأكثر والتنسيق مع المجالس المنتخبة والمجتمع المدني، والخبراء غير البيروقراطيين.
وأضاف أن الولاة ومندوبيهم ذوي الثقة، مطالبون بالذهاب إلى الناس في أقصى الأماكن، دون أبهة حتى يسترجعوا شيئا من ثقتهم.
ولأن الولاة هم ممثلو الحكومة أو الإدارة على مستوى الإقليم، وتم إنشاء ولايات جديدة، ربما تفتقر إلى التنمية، ولم يتم هيكلتها بشكل جيد لحد الآن، ينبغي عليهم – يقول كحيل – تصويب كل جهودهم لتحقيق أهداف قانون الاستثمار الجديد على اعتبار أن عمل الحكومة اقتصادي أكثر، ومنتظر منهم تطبيق التوجه الجديد لتنمية المناطق التي صنفها قانون الاستثمار أنها ذات أولوية، وهي الهضاب العليا والجنوب ومنح الامتيازات للمستثمرين الراغبين في إقامة مشاريع بهذه المناطق.