أجمع خبراء وأساتذة مختصون في تصريحات خصوا بها “الشعب”، أن مراجعة قانون الجماعات المحلية، يسمح بإعطاء حرية اكبر ومجالا أوسع لرئيس البلدية، خاصة وأن البلدية والولاية عبارة عن مؤسسات إدارية تتعامل بشكل مباشر مع المواطن، وبالتالي إصلاح القوانين وتعزيز مكانة الفاعلين الرسميين يسمح بإعطاء نظرة جديدة تتماشى مع الإقلاع التنموي الذي تطمح إليه الدولة.
اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الدكتور إدريس عطية، مراجعة قانوني البلدية والولاية تصورا مهما، يعزز مكانة الجماعات المحلية في التنمية وامتصاص البطالة، ويعطي فرصا أكبر على المستوى الولائي، خاصة وأن رئيس الجمهورية يركز على دور الوالي وتحويله من والي كلاسيكي إلى والي تنموي يسعى إلى إطلاق مشاريع تنموية.
قال إدريس عطية إن مشروع القانون، جاء من منطلق الجماعات المحلية الأدرى بحاجيات الساكنة، وبقدرات المتعاملين الاقتصاديين المتواجدين على مستوى إقليمها إلى جانب الفلاحين، وبالتالي تعزيز صلاحيات الوالي في إطار لامركزية، كونه المسؤول الأول على الولاية ويمثل السلطة اللامركزية، وهي نقاط تصب في صلاحية الوالي وقوة مبادرته على المستوى المحلي، من أجل إعطاء تصور محلي للتنمية، ومحاولة تلبية حاجيات المواطنين من خلال إشراك المجتمع المحلي، والتوجه نحو اقتراحات إشراك المجتمع المدني.
واستطرد المتحدث «مراجعة القوانين ينبغي أن تصب في هذا السياق، سواء ما تعلق بمراجعة صلاحية الوالي، أو مسألة توزيع المهام فيما بين البلديات».
دعوة رئيس الجمهورية لمراجعة قانوني البلدية والولاية – يقول الأستاذ – تدخل في إطار الإصلاحات السياسية التي باشرها منذ سنة 2020، إصلاحات جاءت من الأعلى إلى الأسفل، مست الدستور والعديد من القوانين، واليوم ستشمل قانون الجماعات المحلية، وقد تشمل أيضا الإصلاحات القطاعية الأخرى.
وأبرز أهمية إصلاح القوانين في تعزيز مكانة المسؤولين على المستوى المحلي، هي نقاط تلعب دورا في ضبط العلاقة بين الدولة والمواطن، خاصة وأن الإدارة المباشرة للمواطن هي البلدية، ما يسمح ببناء ثقة عالية المستوى بين المسؤول المحلي والمواطن.
وخلص إلى أن الوالي يصبح المسؤول المباشر ويتقاسم المسؤولية مع رؤساء البلديات، وممثل المجتمع المحلي في المجلس الشعبي البلدي والولائي، ما يعني الحل السريع لمشكلة المواطن والتسريع في رفع انشغالاته بشكل يعزز بناء الثقة بينه وبين الدولة.
صلاحيات أوسع في مجال التنمية..
قال خبير الجماعات المحلية، وعضو مشارك بورشة إعداد مشروع قانون البلدية والولاية جدو رابح، أن قرار تأسيس اللجنة، جاء بناء على المعطيات والاقتراحات التي جاءت في مختلف الورشات الذي من شأنه إعطاء صلاحيات أوسع للجماعات المحلية في أخذ المبادرة في اقتراح المشاريع التنموية بالتنسيق مع مستثمرين وإضفاء نوع من الاستقرار على المجالس المنتخبة بإشراك المواطنين.
أوضح النائب بالمجلس الشعبي الوطني ورئيس بلدية سابق لعهدتين بولاية مدية، أن الإعلان عن تأسيس لجنة تعنى بمراجعة قانوني البلدية والولاية، بهدف دعم أكثر للامركزية، وإيجاد موارد لتمويل الجماعات المحلية.
وأفاد المتحدث في السياق، أن إعادة النظر في قانون البلديات 11- 10، من شأنه أن يعطي دفعا قويا للجماعات المحلية، لتساهم بشكل فعال في دفع عجلة التنمية على مستوى البلديات والاستجابة لتطلعات المواطن، وحتى يكون للمسؤول الأول على البلدية حرية أكبر في اتخاذ المبادرات، لتكريس الاستقرار والابتعاد عن الصراعات التي تنتهي بانسداد في المجالس البلدية، ما يؤثر على شؤون المواطن ويعطلها.
وخلص إلى أن مراجعة قوانين الجماعات المحلية يحسن الجباية المحلية، موارد ومداخيل البلديات من خلال إشراك المواطن في العملية عن طريق الجمعيات المحلية المجتمع المدني والجمعيات المهنية، مؤكدا أن مشروع القانون يكرس تحرير السياسات المنتهجة على مستوى البلديات واقتراح المشاريع.
الاستثمار المحلي..
أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة أحمد الحيدوسي، أن المؤشرات الاقتصادية: الميزان التجاري، معدل نمو، صادرات مرتفعة، صادرات خارج المحروقات إيجابية، لذا يجب أن تنعكس على الحياة العامة من خلال مراجعة قوانين الجماعات المحلية وفق ما يخدم مصلحة المواطن، وذلك بمنحها العديد من الصلاحيات في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية لدعم الاستثمار المحلي الذي يعتمد بدوره على مجموعة من الآليات التي تبقى بحاجة إلى قوانين أكثر ملائمة لتحقيق التنمية.
وقال الحيدوسي إن إعادة النظر في القانون بعينه، من بين التزامات الرئيس تبون ويندرج في إطار دعم مسار التنمية المحلية التي يقصد بها التنمية الوطنية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، لافتا إلى وجوب انعكاسها على المواطن في التهيئة العمرانية، الطرقات والشوارع، الربط بشبكات الغاز وغيرها من الخدمات التي تقتضي مراجعة قانون الجماعات المحلية لمسايرة التطورات الاقتصادية ولا يكون عائقا على التنمية.
وبخصوص دعم اللامركزية، صرح الأستاذ أن مراجعة قانوني البلدية والولاية يضع حدا للصراع القائم أحيانا بين الإداري والمنتخب، ويساهم في إرساء العلاقة التكاملية بعد تحديد صلاحيات كل طرف منهما.