منذ تولي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مهامه، دخل ملف السياسة الخارجية مرحلة جديدة تُعيد رسم أولويات الدبلوماسية الجزائرية، مع تركيز خاص على منطقة المغرب العربي والساحل، والساحة الإفريقية، والعربية.. ما جعل الجزائر- التي تتطلع إلى عضوية مجلس الأمن- محل إشادة أممية نظير دورها المحوري.
من أولويات الدبلوماسية الجزائرية نصرة القضايا العادلة، ودعم حق الشعوب في تقرير المصير. والثابت والأكيد في مسار الدبلوماسية الجزائرية الحافل بالإنجازات، استقرار في الموقف ورجاحة الطرح في التعامل مع قضايا ونزاعات إقليمية ودولية والسعي دوما نحو إحلال قيم الأمن والسلم العالميين.
ومع الاحتفال بالذكرى 60 لاسترجاع السيادة الوطنية، تؤكد الجزائر دائما تمسكها بقيم السلم والأمن الدوليين وتقدم مساهماتها في ذلك من أجل تحقيق تنمية شاملة وعادلة ومستدامة، وهو ما رافع عنه وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة في الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة الجارية هذه الأيام.
في هذه الدورة الأممية، رافعت الجزائر لأجل عضوية في مجلس الأمن، خلال الانتخابات المقرر إجراؤها في شهر جوان 2023، وبدعم الدول الأعضاء، اذ يتولى الوزير لعمامرة، رفقة المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة نذير العرباوي وأعضاء الوفد الجزائري بمقر الأمم المتحدة، حملة ترقية ترشيح الجزائر.
عضوية مجلس الأمن..
وقدمت الجزائر ترشيحها للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، إدراكا منها لحجم التحديات غير المسبوقة المطروحة دوليا وإقليميا، في عالم يشهد توترات متصاعدة، وهو ترشيح حظي بتزكية الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وأبدى الوزير لعمامرة، أثناء النقاش العام لهذه الدورة الأممية، استعداد الجزائر، وتطلعها بقيادة الرئيس تبون، لتقديم مساهمة نوعية في القضايا الإقليمية والدولية المدرجة في جدول أعمال مجلس الأمن.
في المقابل، يرى مراقبون أن الدور المحوري للجزائر في كثير من القضايا، يؤهلها لأن تحظى بثقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خاصة أن مساعي الدولة الجزائرية حظيت بإشادة واسعة واحترام كبيرين، بعد سلسلة لقاءات عقدها لعمامرة مع شخصيات رفيعة المستوى على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
قبل ذلك، نالت الجزائر إشادة مجلس الأمن في قرار صادر شهر أوت الماضي، بخصوص دورها في مساعدة الأطراف المالية على تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن «مسار الجزائر»، مذكرا بالطابع المهم لأحكام اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر.
مضمون القرار الذي صُوت عليه بالإجماع، يبرز دعم مجلس الأمن الكامل لهذا الاتفاق «ومتابعة تنفيذه عن كثب، وإذا لزم الأمر، اتخاذ إجراءات ضد كل من يعرقل تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها لبلوغ أهدافه».
في السياق، يشير أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بهلولي أبو الفضل، في تصريح لـ»الشعب « إلى أن للدبلوماسية الجزائرية دور محوري كبير في إفريقيا والمجموعة العربية والبحر الأبيض المتوسط، في مرحلة جديدة من العمل الاستباقي والاستشرافي.
مكاسب جديدة..
وسجلت الدبلوماسية الجزائرية، منذ مجيء الرئيس عبد المجيد تبون الذي باشر إصلاحات قاعدية وهيكلية وفق رؤية استباقية، مكاسب جديدة، كما يقول بهلولي، ويتابع: «لأول مرة في تاريخ الدبلوماسية الجزائرية نشهد تعيين سفراء مكلفين بملفات متخصصة على غرار الشرق الأوسط والمغرب العربي».
هذا المتغيّر الجديد، يقول بهلولي، يجعل الدبلوماسية الجزائرية أكثر تخصصا في أداء دور محوري، لاسيما أن الجزائر تلتزم بمبادئ صناعة السلم والأمن العالميين، ما يجعلها محل إشادة دولية وردود فعل إيجابية من دول كبرى، وهذا يؤهلها لأن تحظى بعضوية في مجلس الأمن الدولي.
قوة الدبلوماسية الجزائرية في الطرح، وحلحلة النزاعات، تتجلى – حسب بهلولي – في تشريح ما يعرفه المجتمع الدولي من تحولات، وأطروحة الوزير لعمامرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي دعا فيها الى إصلاح المنظمة في ظل نظام دولي متعدد الأقطاب.
وبعد شهر واحد، تحتضن الجزائر قمة عربية جامعة يومي 1 و2 نوفمبر، في دورة يُعول عليها كثيرا في دعم العمل المشترك وتوحيد الصف وتجميع الجهود في القضايا العربية.