جميل جدا أن نحرص على تعليم أبنائنا طرق التعامل مع التكنولوجيات الحديثة، بل ودفعهم إلى اكتساب المهارات في التعامل مع لغات التقانة، مثل «السي شارب» و»البايثون» و»الجافا»، وغيرها من اللّغات المستعملة في البرمجة، حتى يتحكّموا في الحواسيب، ويقدّموا ما يمكن أن يكون إسهاما في بناء الصّرح الحضاري المعاصر..
جميل جدا أيضا، أن يحظى أبناؤنا بمعارف حديثة، تمكّنهم من فهم ما يحيط بهم في عالم تتسارع به المعرفة كل يوم إلى فتوحات جديدة، فالعالم الحديث لم يعد يجد مساحة يخصّصها لمن يتخلّف عن ركب العلم، والواجب يقتضي تسليح الناشئة بما يواجهون به الآتي، ليكونوا فاعلين فيه، لا مجرّد مستهلكين (يبتلعون) كل ما يتوفّر لهم، دون مساءلة ولا استيعاب؛ ولهذا، فإن إحكام متطلبات الواقع الحضاري الجديد، مسألة ضرورية للغاية، ولا يمكن تجاوزها أبدا، ولكن التحكّم في التكنولوجيات الحديثة، لا ينبغي أن ينسينا أسباب المعيشة الطّبيعية، فـ «الحضارة الحديثة» على سموّها، تعتمد على كابلين اثنين..كابل الطاقة، وكابل أنترنيت، وأي خلل يتسلّل إليهما، يكفل للإنسانية العودة السريعة إلى العصر الحجري؛ ولهذا، يجب أن نضع في حسباننا، بأنّنا إن كنّا نمتلك الولاعة – على سبيل المثال – فهذا لا يعني الاستغناء عن تعلّم الطرق القديمة لإشعال النار، وإذا كان تحت أناملنا راقن، فهذا لا يعفينا من إتقان خط اليد، كذلك الحال مع ماكنة الخياطة التي لا تغضب أبدا إن تعلّمنا كيف نحيك ملابسنا بأيدينا، ثم إنّ الواحد منّا ينبغي أن يتعلم الحساب الذهني، ولا يرتمي في أحضان «الحاسبة الإلكترونية» ظنّا أنّها تعفيه من جدول الضّرب..
نأخذ إذن بأسباب الحضارة الحديثة، ولا نضيّع أسباب الحياة، فالحضارات – عادتها – أنّها لا تدوم..