بعد 34 سنة من إعلان قيام دولة فلسطين من الجزائر، ينتظر أن تكون الجزائر، مرة أخرى، مع محطة تاريخية هامة في مسار القضية الفلسطينية، إذ يرتقب أن يلتئم شمل الفصائل الفلسطينية في ندوة جامعة لإنهاء الانقسام في الأيام القليلة المقبلة.
الجزائر الساعية إلى تأسيس مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك في قمة عربية يتوقع أن تكون استثنائية بحكم سياقات إقليمية ودولية، وأيضا من حيث دور الجزائر المحوري والوازن لدى المجموعة العربية، كونها دولة لها ثوابت في علاقاتها الخارجية، ما يجعلها في أفضل رواق للمّ شمل الفصائل الفلسطينية عشية انعقاد قمة الجزائر.
اهتمام الجزائر ومواقفها التاريخية الثابتة واللامشروطة تجاه القضية الفلسطينية، ودعواتها المتكررة للمجتمع الدولي، وبالأخص مجلس الأمن في الآونة الأخيرة، لوقف الاعتداءات والانتهاكات ضد الفلسطينيين والتحرك العاجل والفعال لوقف هذه الممارسات، تترجم بمبادرة جادة وندوة جامعة لإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية.
قبل ذلك، وفي لقاء تاريخي بعد فترة فتور دامت سنوات، تمكن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أثناء الاحتفال بستينية الاستقلال، بجمع رئيس دولة فلسطين محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية، بحضور ممثلين عن السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وهو لقاء كانت له دلالات قوية وأعطى مؤشرات تصب في صالح مبادرة لم الشمل.
قبل موعد انعقاد هذه المبادرة المرتقب في الأيام المقبلة، أجرت الجزائر حوارات كثيرة مع فصائل فلسطينية، حسب ما أكده السفير الفلسطيني بالجزائر فايز أبو عيطة، مؤخرا، والذي أعرب عن تطلع الفلسطينيين أن تتكلل جهود الجزائر بنجاح يسمح بتشكيل جبهة فلسطينية صلبة وقوية في مواجهة الاحتلال.
في الموضوع، يقول المحلل السياسي، أبو الفضل بهلولي، في تصريح لـ «الشعب»، إن هناك خلفيات وجذور تاريخية لدعم الجزائر للقضية الفلسطينية، منذ فترة قبل الاستقلال إلى غاية يومنا هذا، وبقيت الدبلوماسية الجزائرية – يوضح- ثابتة على مواقفها في إطار احترام الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة المبني على سيادة واستقلال الشعوب.
مبادرة الصلح بين الفرقاء الفلسطينيين، وفق بهولي، تندرج ضمن الاهتمام الجزائري بالقضية الفلسطينية من جهة، وأيضا في إطار مساعي الجزائر لبلورة مشروع عربي ضخم يساهم في صناعة السلم في الشرق الأوسط والمجموعة العربية.
وأضاف بهلولي: « مثلما ركزت الجزائر إبان ثورة التحرير على وحدة الصف الداخلي لمواجهة المستعمر، تحاول اليوم لم شمل الفصائل الفلسطينية.. وهو مبدأ أساسي تتخذه الجزائر ليكون بمثابة ورقة طريق للأشقاء الفلسطينيين باختلاف مشاربهم من أجل توحيد الصف في مواجهة الاحتلال».
بوادر نجاح مبادرة الجزائر في إنهاء الانقسام بين الفصائل لديه مؤشرات كثيرة، حسب المتحدث، منها ما يتعلق بتأثيرات السياق الدولي الراهن وهيمنة جهات على المنظمات الدولية ما جعل القضية الفلسطينية تتراجع، بالمقابل قادت الجزائر جهودا حثيثة لإعادة القضية إلى الواجهة الدولية.
ومثلما يقول المصدر، يوجد جانب آخر يتعلق بالمواقف الثابتة للدبلوماسية الجزائرية تجاه القضية، ومصداقية الجزائر لدى المجتمع الدولي والمجموعة العربية خصوصا، ما يمهد طريق المصالحة بين الأطراف الفلسطينية عشية انعقاد قمة نوفمبر، خاصة أن الدول العربية اليوم – يتابع – أمام منعرج حاسم، في قمة ينتظر منها الكثيرة على مستويات عديدة، وبدون شك ستجني الجزائر ثمار مساعي وجهود حثيثة في التأسيس لعمل عربي مشترك.