أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، أن القمة العربية التي تحضنها الجزائر، تشكل استحقاقا هاما و”فرصة لاتخاذ قرارات جريئة وبروح توافقية للارتقاء بالعمل العربي المشترك في مستوى رمزية هذا التاريخ وما يحمله من قيم النضال المشترك في سبيل التحرر وامتلاك مقومات التحكم في مصيرنا الموحد ليكون قويا وفاعلا.”
يأتي تأكيد الوزير لعمامرة، في كلمة بمناسبة يوم الدبلوماسية الجزائرية، هنأ فيها الجزائريين وبالخصوص منتسبي وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، كما نقل “تبريكات رئيس الجمهورية وتشجيعه لنا جميعا للبقاء على العهد وتقديم المزيد في العمل الدبلوماسي باعتباره أحد الخنادق الأمامية للدفاع عن مبادئ ومصالح الجزائر.”
وقال لعمامرة إن يوم الدبلوماسية الجزائرية الذي يقترن هذا العام بالذكرى الستين لاسترجاع الجزائر استقلالها الوطني ليشكل مناسبة هامة للاحتفاء بدبلوماسية بلادنا التي حافظت على طابعها الثوري حتى بعد انضمام الجزائر لمنظمة الأمم المتحدة بتاريخ 08 أكتوبر 1962.
ذلك الطابع – يضيف لعمامرة- الذي تشكلت ملامحه إبان الثورة التحريرية في خضم الملاحم التي صنعها كفاح الشعب الجزائري على المستويين السياسي والعسكري وتواصل بعد الاستقلال ليكرس امتداد الشخصية الدولية للجزائر وتميزها بين الأمم بمبادئها الراسخة التي أهلتها لقيادة المد التحرري من الهيمنة الاستعمارية والتموقع في طليعة الدول النامية المطالبة بنظام دولي جديد.
وتابع في كلمته:” فلنا أن نحتفي بهذا اليوم التاريخي الذي كرس عودة الجزائر إلى الحياة الدولية بعد ليل استعماري طويل ولنا أن نفخر بإنجازات الدبلوماسية الجزائرية خاصة وأنها تتجدد اليوم بكل حيوية وفعالية تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وتقدم مساهمتها بكل عزم في مسيرة بناء الجزائر الجديدة، مستنيرة في ذلك بمبادئ ميثاقها التأسيسي وشهادة ميلادها: بيان الفاتح نوفمبر 1954. ”
وأشار رمطان لعمامرة إلى توترات متصاعدة وتقلبات متسارعة يشهدها العالم اليوم، وما تحمله حالة الاستقطاب المتزايدة من بوادر إعادة تشكيل موازين القوى “لتؤكد من جديد على وجاهة المواقف الجزائرية المتمسكة بمبادئ عدم الانحياز والمناضلة باستمرار من أجل قيام نظام دولي يسوده العدل والمساواة ويضع حدا للإجحاف التاريخي بحق الدول النامية. ”
وواصل في السياق:”وهنا يكمن أيضا جوهر دبلوماسية بلادنا التي تؤمن بقوة الحق والثبات على المبادئ في مساندتها للقضايا العادلة على غرار القضية الفلسطينية وقضية شعب الصحراء الغربية، لأن ما عاشته الجزائر يؤكد أن الاستعمار مهما طال فمآله الحتمي الزوال.”
وأكد المسؤول ذاته أن الجزائر تواصل مساعيها كطرف فاعل في جميع مجالات انتمائها العربية والإفريقية والإسلامية والمتوسطية من أجل مد وتعزيز جسور التعاون والتضامن والمساهمة في حل النزاعات والأزمات عبر الطرق السلمية وبعث ديناميكيات خلاقة لثمين فرص التكامل الاقتصادي والتنمية المندمجة.
من هذا المنطلق “تواصل الجزائر جهودها لضمان التحضير الأمثل للقمة العربية التي ستحتضنها يومي الفاتح والثاني من نوفمبر المقبل، وهي تتطلع لأن يشكل هذا الاستحقاق الهام فرصة لاتخاذ قرارات جريئة وبروح توافقية للارتقاء بالعمل العربي المشترك في مستوى رمزية هذا التاريخ وما يحمله من قيم النضال المشترك في سبيل التحرر وامتلاك مقومات التحكم في مصيرنا الموحد ليكون قويا وفاعلا”.
وبالموازاة مع جهودها الرامية للم الشمل وتعزيز دعائم السلم والاستقرار إقليميا ودوليا، تكثف الدبلوماسية الوطنية، يقول الوزير، نشاطها الاقتصادي من خلال إستراتيجية شاملة لتوجيه التعاون الدولي وفق منطق توازن المصالح، تجسيدا لأهداف البرنامج التنموي الطموح الذي تهدف الجزائر من خلاله إلى ضمان مكانة تليق بها ضمن ركب الدول الصاعدة “كما سبق وأن أكد على ذلك رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة، وخصوصا عند ذكره قدرة الجزائر على تقديم قيمة مضافة إلى “مجموعة بريكس”.
وواصل قائلا:” وفي ذات الوقت، تتواصل جهود الدبلوماسية الجزائرية لتجسيد توجهها الاستراتيجي بالالتزام بخدمة ومرافقة جاليتنا الوطنية في الخارج ليس عبر خدماتها القنصلية فحسب، بل من خلال مقاربة تفاعلية تتركز على حماية أبناء جاليتنا والدفاع عن مصالحهم واعتماد العمل الجواري والمتكامل لترقية الهوية الوطنية وتعزيز الروابط بين أبناء جاليتنا من مختلف الأجيال ووطنهم الأم، وضمان انخراطهم بكل طاقاتهم وكفاءاتهم في المسار التنموي الشامل الذي تشهده الجزائر.”
وأضاف:” لا يفوتني ونحن نحيي هذا اليوم المشهود من تاريخ الجزائر المستقلة أن أقف وقفة ترحم على أرواح كل شهداء الدبلوماسية الجزائرية الذين قضوا مدافعين عن مصالح بلادنا وحاملين رسالتها النبيلة. ”
وفي الأخير، وجه وزير الشؤون الخارجية تحية تقدير وإكبار إلى كل الأجيال التي تعاقبت “على خدمة دبلوماسيتنا الوطنية نظير ما بذلته ولا تزال من جهود مقدرة من أجل ترقية صورة الجزائر وإعلاء كلمتها بين الأمم، وهو ما يجعل كل جزائري اليوم فخورا بدبلوماسية بلاده بفضل ما يجد في مواقفها من انسجام تام مع تلك القيم والمبادئ التي تشبع بها كل جزائري وجزائرية. “