بعد القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء قبل أيام، القاضي بالترخيص للخواص والمؤسسات باستيراد الجرارات الفلاحية لأقل من خمس سنوات الذي أثلج صدور الفلاحين والناشطين في هذا القطاع الاقتصادي، جاء قرار فتح المجال أمام المواطنين لاستيراد السيارات وبنفس الصيغة ليكرس هذا التوجه الجديد للدولة القاضي بتوفير الخدمات الأساسية للمواطن والاستجابة لانشغالات فئة واسعة من المجتمع، وأيضا بداية انفراج هذا الملف الحساس الذي أسال الكثير من الحبر ولا يزال..
لحظات فقط قبل انتهاء لقاء مجلس الوزراء ونشر البيان الختامي المتوج لجدول الأعمال والملفات المطروحة على رأسه ملف فتح مجال استيراد السيارات لأقل من ثلاث سنوات بإمكانياتهم الخاصة، بدأت ردود فعل المواطنين بولاية بومرداس تتهاطل وتغزو مواقع التواصل الاجتماعي وحتى الجلسات الخاصة استأثرت حيزا كبيرا من النقاش والردود المرحبة للقرار الذي جاء استجابة لجاجة المواطن لهذه الوسيلة الأساسية في ظل الندرة الكبيرة والارتفاع الفاحش لأسعار المركبات التي لم تعد في متناول الجميع.
ومثلما شغل ملف صناعة السيارات وإعداد دفتر شروط للوكلاء المعتمدين من أجل الانطلاق في عملية التصنيع وقبله واقع السوق المتردي وظاهرة الندرة وارتفاع الأسعار مختلف الفئات الاجتماعية، أخذ قرار الترخيص بالاستيراد نفس الاهتمامات والقراءات وربما أكثر من قبل المتابعين، حيث غصت مواقع التواصل والصفحات التجارية المتخصصة في بيع وشراء السيارات بمختلف التعليقات والإعلانات الاستباقية لعروض البيع، وأخرى شرعت في تقديم إعلانات لبيع مختلف الماركات العالمية المعروضة على شبكة الانترنت وأغلبها لأقل من ثلاث سنوات، وثالثة حاولت التهكم على عرش السماسرة المتهاوي.
وفي قراءة لمجمل التعليقات والردود الأولية لقرار فتح مجال استيراد المركبات بولاية بومرداس، يمكن القول أنها جاءت في اغلبها مرحبة ومتفائلة بانفراج وضعية سوق السيارات بالجزائر الذي عرف منذ عدة سنوات حالة انسداد كبيرة انعكست على هذا النشاط، خصوصا وأن الولاية تملك سوقا لبيع السيارات المستعملة ببلدية تيجلابين يعتبر من أكبر الفضاءات التجارية على المستوى الوطني، لكنه تجرع من نفس الكأس وكان مصيره الركود التام لأسباب مختلفة منها تأثير الوضع العام، الى جانب أزمة التسيير قبل إعادة طرح الصفقة لمزايدة جديدة ربما تتزامن مع عودة الحياة لهذا القطاع الاقتصادي مجددا.
يذكر، أن ملف صناعة السيارات ومنح رخص الاستيراد للمتعاملين الاقتصاديين قد رافق وزير الصناعة حيثما ارتحل وشكل محور أسئلة ممثلي وسائل الإعلام المختلفة بالنظر الى حساسيته وأهميته، وكان آخرها خلال زيارته لولاية بومرداس، حيث جدد تأكيده «أن الملف يسير في الاتجاه الصحيح وفق النظرة الشاملة للحكومة الرامية الى إقامة صناعة حقيقية»، مع الإشارة أيضا «أن دائرته بصدد التفاوض مع شركات عالمية كبيرة وبنسبة إدماج مقبولة، تبدأ من تسويق المنتجات في السنة الأولى الى بناء صناعة حقيقية في السنة الثالثة»، زهي الرؤية التي تجسدت اليوم في فتح مجال الاستيراد والسماح للشركات الأجنبية المصنعة لاستيراد السيارات وبيعها في الجزائر بالموازاة مع متابعة سيرورة إقامة صناعة حقيقية لاحقا.