أكد رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، أن “حسن أداء القضاء وشعور المواطن بالإطمئنان لا ينبع فقط من جودة القوانين ولكن من تطبيقها بعدالة وشفافية على نحو يحمي حقوق الأفراد”.
قال الرئيس تبون، في كلمة لدى إشرافه على افتتاح السنة القضائية الجديدة 2022/2023، اليوم الأحد، بمقر المحكمة العليا، “لقد لاحظنا تقدما في انجاز البرامج المرسومة، خاصة من حيث تكييف النصوص القانونية مع المبادئ الدستورية”.
وأضاف رئيس الجمهورية، “إننا نتطلع خلال هذه السنة القضائية إلى تسريع وتيرة العمل بشكل يتماشى والمعطيات الاقتصادية الجديدة”.
وشدد رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، على أن حسن أداء القضاء وشعور المواطن بالاطمئنان لا ينبع فقط من جودة القوانين ولكن من تطبيقها بعدالة وشفافية على نحو يحمي حقوق الأفراد.
وفي هذا الإطار، أكد الرئيس تبون، على ضرورة التوصل إلى آليات فعالة لحل النزاعات بين الأفراد.
وأوضح أن “الضمانات المكرسة لاستقلالية القضاء تعد خطوة هامة وضرورية في مسار إصلاح العدالة وإرساء دعائم قضاء متمكن ومحايد ونزيه”، مضيفا أن ذلك يحتاج إلى “مواصلة الجهود، بالنظر لثقل المسؤولية الملقاة على عاتق القضاة وما تمليه عليهم أخلاقيات المهنة وما يفرضه التحول المتسارع في شتى المجالات”.
وأبرز الرئيس تبون بهذا الصدد “قيمة تكوين القضاة وغيرهم من الأسلاك المساهمة في العمل القضائي” الذي قال أنه “لا يستقيم دون مساعدة مساعديه الذين يشكلون جميعا عماد بناء دولة الحق والقانون”.
وفي ذات الإطار، قال رئيس الجمهورية أن “الضرورة تتطلب تعزيز حقوق الدفاع وتوفير الشروط اللازمة كي يمارس المحامون مهنتهم في أحسن الظروف في إطار احترام القانون وميثاق أخلاقيات المهنة”، داعيا إياهم وغيرهم من مساعدي العدالة إلى “استشعار المسؤولية والوعي بالرهانات القائمة وصدق المساعي والإرادة في التغيير إلى الأفضل بما يخدم مصالح المواطنين وتطلعاتهم”.
وبذات المناسبة، شدد الرئيس تبون على “أهمية العمل التشريعي وإعطائه العناية اللازمة” وعلى ضرورة أن تشهد المرحلة القادمة “جهودا أخرى لتكييف المنظومة التشريعية حسب المستجدات وما تمليه الديناميكية الاقتصادية، في ظل احترام مبدأ الأمن القانوني”، مشيرا إلى أن “القانون يجب أن يكون عامل تحفيز وليس أداة كبح وعرقلة”.
واغتنم الرئيس المناسبة، للتأكيد على أهمية العمل التشريعي، ودعا الحكومة إلى الإسراع في تنصيب المحاكم التجارية، وإصدار القوانين المساهمة في تأمين مناخ الأعماللتعزيز الضمانات الموجودة وتقويتها في ظل القانون الجديد للاستثمار”.
واعتبر أن “مسار التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني لا يتحقق في منأى عن أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد”، منوها ب”الجهود التي يبذلها القضاء في مختلف مؤسسات الدولة، على غرار الأجهزة الأمنية، في التصدي لمختلف أشكال الجريمة وخاصة على المناطق الحدودية”.
وثمن “الجهود المبذولة من طرف الكفاءات القائمة على تجسيد إستراتيجية القطاع في مجال الرقمنة”، داعيا إياهم إلى “بذل المزيد من الجهد في هذا الجانب لتمكين العدالة من مجابهة التحديات المتزايدة والاستجابة للتطلعات في تقديم خدمات ذات جودة ونوعية”.
“استرجاع كرامة المواطن حربا لا تهدأ..”
وأعرب رئيس الجمهورية عن قناعته بأن العدالة الجزائرية “تتوفر على كل أسباب الارتقاء إلى مستويات تعكس بالفعل الإمكانيات المسخرة، سواء تعلق الأمر بالمورد البشري أو بالوسائل المادية”، مشيرا إلى “الصرامة التي تصدت بها المحاكم للأفعال الإجرامية التي سعى أصحابها إلى زرع الهلع والفوضى” وإلى “الحزم الذي يبديه جهاز العدالة إزاء نشر الأخبار الكاذبة وخطابات الكراهية واستعمال وسائل الإعلام والاتصال لأغراض هدامة”.
وقال إن كل ذلك “دليل على الوجه الجديد للعمل القضائي ولقطاع العدالة” الذي أوضح أنه يشكل “نموذجا للتغييرات الجديدة والعميقة التي نجسدها تدريجيا في الواقع”، مشيرا إلى أن هذه التغييرات “تؤسس لبناء دولة قادرة على حماية الاقتصاد الوطني من أخطار النهب والفساد بسلاح القانون وبتكريس قواعد الشفافية للمحافظة على المال العام وتندرج في صلب تحقيق مطالب وطموحات الشعب الجزائري وتتيح له العيش في جزائر ديمقراطية وفية لقيم الفاتح نوفمبر ولرسالة الشهداء الأبرار”.
وختم رئيس الجمهورية كلمته بالإشارة إلى تزامن افتتاح السنة القضائية الجديدة مع الذكرى الـ 68 لاندلاع ثورة التحرير المجيدة في الفاتح من نوفمبر، والتي قال إن الشعب الجزائري “يحييها باعتزاز وفخر وشموخ في جزائر لم يعد فيها ذلك الشرخ الذي لطالما باعد بين المواطن ورموز الدولة ومؤسساتها، جزائر تسير بحزم وعزم وبإرادة الوطنيين المخلصين للقضاء على كل مظاهر الهشاشة والغبن والاحتقار المسيئة لهذا الوطن المفدى”.
وخلص إلى القول: “آليت على نفسي أن أجعل من استرجاع كرامة المواطن حربا لا تهدأ، وفاء للتعهدات التي قطعناها مع الشعب الجزائري الأبي وصونا لوديعة أولئك البررة الذين فدوا الجزائر بأرواحهم”.
للإشارة، قام رئيس الجمهورية بمناسبة الإعلان الرسمي عن افتتاح السنة القضائية بأخذ صورة تذكارية مع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ورؤساء الغرف والأقسام بالمحكمة العليا ومجلس الدولة، رفقة كل من وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، والرئيس الأول للمحكمة العليا، الطاهر ماموني.