سلّط الباحث سعدي بزيان عميد الصحافة الجزائرية في المهجر، الضوء على الدور الذي أداه المهاجرون والطبقة العمالية بالمهجر ودعمها للثورة الجزائرية، حتى أن بعض المصادر أشارت إلى أن 85٪ من ميزانية الحكومة المؤقتة كانت تأتي من المهجر.
بعيدا عن الأرقام، لابد من الاعتراف أن الدعم الذي قدمه المهاجرون للثورة كان كبيرا ولا يمكن تجاهله، وتعد الطبقة العمالية في المهجر من أكبر المساهمين من الناحية المادية للثورة بشكل عام وهذا ما أكده كذلك الأستاذ عمار بوحوش.
فيما يخص مجازر 17 أكتوبر 1961 فقد جاءت كرد فعل على هذا الدور الكبير الذي كان يقدمه المهاجرون والطبقة العمالية في فرنسا في دعمها لثورة التحرير. حينما جاءت الإدارة الفرنسية بالمجرم موريس بابون، والذي عاش بين الجزائر والمغرب للقضاء على هذا الدعم وخنقه.
واستعان موريس بابون بمجموعة من الحركى لتنفيذ هذه المهمة، واستخدم كل الوسائل القذرة وأصدر قرارا بحظر التجوال على الجزائريين، في حين كانوا يجتمعون ليلا قبل هذا الإجراء في المقاهي لجمع التبرعات.
وكرد فعل على هذا الإجراء، قرر الجزائريون القيام بمظاهرة يوم 17 أكتوبر 1961 شارك فيها الرجال والنساء لإعطائها الطابع السلمي، لكن للأسف الشديد رد فعل الإدارة الفرنسية كان عنيفا جدا ووحشيا ومات عدد كبير من الجزائريين خلال المظاهرة ورميت الجثث في نهر السين بباريس.
أكد الأستاذ سعدي بزيان ضرورة عدم التركيز فقط على ما وقع يوم 17 أكتوبر رغم أهميته، والاهتمام بالدور الذي أدّته الطبقة المهاجرة لاسيما طبقة العمال في دعم الجهود السياسية التي سبقت الثورة سواء نجم شمال إفريقيا، وحزب الشعب وصولا الى تشكيل جبهة التحرير الوطني.
هناك نخب فرنسية دعمت كفاح الجزائريين
أكد بزيان في منتدى “الشعب” أن النخب الفرنسية كتبت بإسهاب حول مجازر 17 أكتوبر، لكن للأسف الجزائريون لا يقرؤون هذه الكتب ولم نترجمها للاستفادة منها، وذكر أنّ جان بول سارتر الفيلسوف والروائي والكاتب المسرحي الفرنسي الشهير أحد أهم النخب الفرنسية التي دعمت الثورة الجزائرية، وساندت جهود المهاجرين الجزائريين في المهجر حتى أنه وصديقته كانوا ينقلون الجزائريين ويساعدونهم.
ثقافة المناسبات غير كافية
على الرغم من الأهمية البالغة في إحياء ذكرى المحطات التاريخية الكبرى لنضال الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، إلا أن هذا الاهتمام لا ينبغي له أن يبقى “ بالمناسبات فقط”، لأن تجريم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، ودفع فرنسا للاعتراف بجرائمها يحتاج الى جهد وملفات قوية، وتحسّر بزيان على نقص الكتابات الجزائرية حول مظاهرات 17 أكتوبر 1961 ودعا الباحثين لبذل جهود أكبر والاهتمام بهذه القضايا.