ليس عيبا إن أظهر بعض أساتذتنا الجامعيين تململا من قرار مناقشة أطروحات الدكتوراه دون ورق، فالأطروحة في العلوم الإنسانية، لا يمكن أن تنزل دون الأربعمائة صفحة، والتحكّم فيها يقتضي التعامل مع برنامج «الأكروبات» برشاقة تامة، من أجل الوصول إلى الصفحات المقصودة دون جهد..
وقد يكون الأمر سهلا للغاية، لو يستعمل المناقش «أكروبات محترفا» يمكّنه من تسجيل كافة المعلومات على الملف في ذاته، والتّصرف بأريحية مع مختلف فصوله، إضافة إلى فهرسة كاملة يتولى الطالب الدكتور نفسه وضعها على الملف. ومع هذا، يحتاج الأمر إلى بعض الوقت كي يحقق الأستاذ والطالب معا، الانسجام المطلوب مع المادة التي يتعاملان معها، لكن يبقى أن «الأكروبات المحترف» ليس متوفّرا للجميع، والتعامل بالأكروبات العادي لا يفيد نفعا في العملية برمّتها، وهذا مشكل ينبغي التفكير فيه جدّيّا من أجل تذليله، ثم إن الطلبة الدكاترة أنفسهم يحتاجون إلى بعض الصّبر كي يتقنوا قواعد إعداد الفهارس الرقمية على ملفات أطروحاتهم، حتى يسهّلوا على لجان المناقشة التعامل بسلاسة مع الأطروحات يوم النّقاش..
ولسنا ننكر أنّ فكرة «صفر ورق» رائدة، وأنّ منافعها ستنال الأستاذ والطالب معا، غير أنّ كل فكرة جديدة، تحتاج إلى سيرورة انتقال ترسّخها، ووقتا يؤكّدها، وشيئا من الصبر يوطّد لها، كي تتوصل إلى تحقيق فعاليتها، وإثبات نجاعتها، والأمر لن يكون صعبا بالتأكيد، لأن معظم الجامعيين يتقنون التعامل مع الوسائل التكنولوجية، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يحتاجون إلى الوقت كي يتأقلموا مع الواقع الجديد، فتكون المناقشات سلسة كما كانت في عصر الورق.
الفكرة مهما تكن، تحتاج إلى وقت كي تقدّم ثمراتها، فليكن التطبيق بالتّدريج والمرافقة، إلى أن تبلغ تمامها، ويتحقق الانتقال إلى الصفر ورق..