عدّلت منصّات التّواصل الاجتماعي كثيرا من المفاهيم الدّقيقة التي يتعارف عليها النّاس، وصارت تمرّر الرّذائل العاتية تحت مسمّيات (لطيفة)، يغفل عنها روّاد النت حين يطلقون الكلام على عواهنه لا يلقون له بالا، ولقد تعوّدنا على رؤية من (يشارك) منشورا، وتكون «مشاركته» نميمة حيّة، أو من (ينشر) كلاما يجول بخاطره، فيمارس الغيبة الصريحة في حقّ هذا أو ذاك، ورأينا من يأتي بـ «الصورة» التي تنال الإعجاب، ولا يحسّ مطلقا بأنّ نشرها حوّله إلى سارق كامل الأوصاف، قد يطول عليه الأمد وهو يحسب أنّه يحسن صنعا، فيتجذّر سلوك (المشاركة) في نفسه، فلا يبرح المنصّة التواصلية إلا بعد أن يصبح نماما مغتابا سارقا بامتياز، وهو يعتقد أنّه يقضي وقتا ممتعا!!
ولعل أثر النميمة والغيبة والسرقة والنفاق، وغيرها من الرّذائل، كان محدودا نوعا ما، حتى إذا جاءت منصّات التّواصل، منحت كل موبقة اسما جديدا يسوّغ لها، ويمرّرها بسلاسة بين الناس، فصار ناشر الأخبار الكاذبة، يحظى بدور البطولة، مع أن اسمه الأصلي «الفاسق»، وصار المحتال من بائعي الأوهام، يسمى «المؤثر»، بينما أدرجت «النميمة» في صلب الخدمات الاجتماعية الراقية!!
«الكلمة» مسؤولية خطيرة، سواء نطقت على قارعة الطريق، أو أطلقت من وسيلة إعلامية، أو نشرت مكتوبة أو مصوّرة على واحدة من منصّات التّواصل الاجتماعي، فهي «كلمة» – في الأخير – ويمكن أن تحدث أثرا لا يتصوّره قائلُها والمروّجُ لها و(النّافخُ) على جمرتها، فما بالنا حين يكون القصد الصريح من ورائها إحداث الضرر؟!
على كلّ حال، منصّات التواصل لا تختلف عن الحياة في مجملها، والقانون واضح جليّ معروف للجميع، وما من داء إلا ولديه الدّواء الشافي، حتى إذا كان «داء الكلام»..